بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
مثل الذي خان وطنه وباع بلاده، مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللص يكافئه. يقول المؤرخ ابن الأثير في كتابه (الكامل في التاريخ)، عندما هاجم القائد المغولي (جنكيز خان) مدينة بخارى فشل في اقتحامها بالقوة، فكتب لأهلها : أن من يقف في صفنا فهو آمن، فانشق أهل المدينة، وتفرقوا إلى صفين. صف رافض للاستسلام، ويصر على المقاومة والدفاع عن المدينة، وصف آخر وافق على الرضوخ، وتسليم مفاتح المدينة للغزاة. فكتب جنكيز خان لمن وافق على الرضوخ: إن أعنتمونا على قتال الرافضين منكم نمكنكم من الحكم والسلطة، فوقعت الفتنة بين أفراد الشعب الواحد، وتجند الخونة لقتال إخوانهم وأبناء جلدتهم، ودارت رحى الحرب فيما بينهم، بينما كان المغول يقفون خارج الاسوار بانتظار نهاية الصراع الأخوي الذي انتهى لصالح الخونة، فدخلها المغول بلا قتال، ثم قرروا تجريد الخونة من أسلحتهم، عندئذ قال جنكيز كلمته فيهم: (لن نثق ابدا بالذين خذلوا شعوبهم من أجلنا نحن الغرباء). .
وما أكثر المرات التي كانت الخيانة سبب هزائمنا وتدهور أحوالنا. فالخيانة، كلمة تحمل كل معاني الخسة والنذالة، فكيف إذا كانت تستهدف أمننا وسلامة استقرارنا ؟. وكيف إذا كانت تسعى لهدم وتخريب أسس وقيم مجتمعنا، وتعمل على بث الفتنة ؟. وإذا كانت كلمة الخيانة تشمل كل المعاني المهينة التي يتحرج منها كل مواطن شريف، ويبتعد عنها كل وطني غيور، وينفُر منها كل شخص منضبط السلوك، فإنها ستكون صفة الغدر ونقض العهد. .
فالتمويل الأجنبي للأحزاب خيانة تعني الولاء للغير على حساب المصلحة الوطنية، وربما سيأتي علينا اليوم الذي تصبح فيه الخيانة وجهة نظر. .
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين.