بقلم ـــ أياد السماوي …
حدّدت المادة (47) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 السلطات الاتحادية والتي تتكوّن من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية , تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات , وحدّدت المادة (48) من الدستور مكوّنات السلطة التشريعية الاتحادية وهي مجلس النواب ومجلس الاتحاد , وبيّنت المادة (49) من الدستور بأنّ مجلس النواب يتكوّن من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكلّ مائة ألف نسمة من نفوس العراق يمّثلون الشعب الشعب العراقي بأكمله , وأوجبت المادة ذاتها في البند (ثالثا) منها تشريع قانون يتضمّن شروط المرّشح والناخب وكلّ ما يتعلّق بالانتخابات , وحدّدت المادة (61) من الدستور اختصاصات مجلس النواب العراقي , أمّا السلطة التنفيذية الاتحادية فإنّ المادة (66) بيّنت بأنّها تتكوّن من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء , وعرّفت المادة (67) من الدستور رئيس جمهورية العراق , وحدّدت المادة (68) من الدستور شروط المرّشح لرئاسة الجمهورية وتنّظم بقانون أحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وفقا لما جاء في في المادة (69/أولا) من الدستور , وبناءا على ذلك صدر قانون أحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم (8) لسنة 2012 , ونظّمت المادة (70) من الدستور كيفية انتخاب رئيس الجمهورية , أمّا المادة (76) من الدستور فإنّها نظّمت كيفية تكليف مرّشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء , وحدّدت المادة (80) من الدستور صلاحيات مجلس الوزراء , ونظّمت المواد ( 87 و 88 و 89 و 90 و 91 ) بما يتعلّق بالسلطة القضائية الاتحادية , لذا فإنّ السلطات الاتحادية نظّمت بموجب الدستور والقوانين الصادرة بموجب الدستور ..
أمّا بالنسبة لإقليم كردستان فقد نصّت المادة (120) من الدستور على ( يقوم الإقليم بوضع دستور له يحدّد هيكل سلطات الإقليم وصلاحياته وآليات ممارسة تلك الصلاحيات على أن لا يتعارض مع هذا الدستور ) , واستنادا للنّص المذكور فإنّ سلطات الإقليم يجب أن يكون هنالك دستور مشرّع من قبل إقليم كردستان لا يتعارض وأحكام دستور جمهورية العراق لسنة 2005 , يحدّد فيه نوع نظام الحكم في الإقليم وما هي السلطات التي تشّكل بموجبه واختصاص تلك السلطات والعلاقة فيما بينها وكيفية تشكيلها واختيار رؤساتها ومدّتها .. وحيث لم يشرّع دستور للإقليم لحد الآن , فإنّ سلطات الإقليم الموجودة حاليا لم تستند إلى أيّ مسوّغ شرعي وتمارس اختصاصاتها مع انعدام أساس وجودها , وبالتالي فإنّ تعامل السلطات الاتحادية مع سلطات الإقليم يجب أن يكون على هذا الأساس , والقول خلاف ذلك يعني أنّ السلطات الاتحادية خالفت الدستور ويصبح رئيس كلّ سلطة اتحادية مسؤول أمام القانون أزاء تلك المخالفة , وأنّ السلطات الاتحادية يجب أن تحدّد علاقتها مع سلطات الإقليم على أساس حدود اختصاصات تلك السلطات , باعتبار أنّ الدستور الاتحادي حدّد اختصاصات السلطات الاتحادية , فكيف لتلك السلطات أن تتعامل مع سلطات الإقليم التي لم تحدّد اختصاصاتها وحدود تلك الاختصاصات , وهذا يعني أنّ سلطات الإقليم تصبح أعلى من السلطات الاتحادية , وهذا يخالف الدستور والمنطق الاستراتيجي لبناء الدولة , وحيث أنّ سلطات الإقليم لم ترتكز على أي أساس قانوني في ممارستها لاختصاصاتها , فإنّ جميع ما يصدر عنها لا يستند إلى أساس قانوني وأنّ وجود قانون مشرّع في الإقليم بخصوص تلك السلطات , لا يعطي المسوّغ الشرعي لها , لذا أنّ القوانين يجب أن تصدر من برلمان مشّكل بموجب الدستور .. ولعدم وجود دستور مبيّنا فيه كيفية تشكيل برلمان كردستان , فإنّ ما يصدر من برلمان كردستان يفتقد إلى الشرعية القانونية , وأنّ أيّ تصرّف من قبل رئيس الحكومة الاتحادية مخالف لذلك فإنّه سيضعه أمام المسائلة القانونية وأمام تهمّة التجاوز على الدستور والتعمّد بإهدار المال العام , وينعكس هذا الموقف على علاقة الإقليم بالسلطة التشريعية الاتحادية , ولذا يجب أن يطّلع الشعب العراقي على ذلك باعتباره مصدر السلطات الاتحادية ويحدّد موقفه من تعامل السلطات الاتحادية المشّكلة بموجب الدستور مع سلطات الإقليم التي لم ترتكز على أي مسوّغ شرعي في تشكيلها وممارستها لاختصاصاتها ..
وحيث أنّ سلطات الإقليم الحالية لم ترتكز على أيّ أساس دستوري في ممارستها لاختصاصاتها , فإنّ جميع ما يصدر من هذه السلطات حاليا لا يستند إلى أيّ أساس قانوني ويجب على السلطات الاتحادية كافة تنفيذ واتباع الدستور الاتحادي في ذلك وعدم مخالفته ووقف كلّ تعامل مع سلطات الإقليم باعتبارها سلطات غير شرعية ولا أساس قانوني لوجودها .. فعندما ترفض حكومة الإقليم قرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان رقم 22 لسنة 2007 , وترفض تنفيذه وتطالب بإلغاء المحكمة التي أصدرت هذا القرار , فالأولى بحكومة الإقليم أن تثبت شرعية وجودها أولا ..
ولتعلم حكومة الإقليم أنّ رفضها لقرار المحكمة الاتحادية العليا الخاص بعدم دستورية قانون نفط الإقليم وإعلانها عدم الانصياع لهذا القرار , سيؤدي إلى عدم التعامل معها من قبل الحكومة الاتحادية وإيقاف إرسال الأموال لهذه الحكومة .. وقد ينعكس هذا الموقف على علاقة الإقليم بالحكومة الاتحادية بشكل عام وليس فقط فيما يتعلّق بإرسال الأموال إلى حكومة إقليم كردستان .. فكيف لحكومة متمرّدة على الدستور والقانون الاتحادي أن ترّشح رئيسا لجمهورية العراق الاتحادية ؟ أيّ منطق هذا وأي عراقي يقبل أن يكون رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن مرّشح حزب يرفض الانصياع للدستور ؟؟؟
أياد السماوي
في 06 / 03 / 2022