بقلم : أياد السماوي …
في مقالات سابقة لنا كنّا قد أوضحنا أنّ أهمية منصب رئيس الجمهورية تأتي من كونه مفتاح تشكيل الحكومة , فالحكومة تبدأ من تكليف الرئيس المنتخب لمرّشح الكتلة الأكثر عددا بموجب المادة ( 76/أولا ) التي نصّت على ( يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية ) , فبدون التوافق على تسمية رئيس الجمهورية بين الحزبين الكرديين الرئيسين , لن تكون هنالك جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية لاستحالة أي طرف منهم بجمع ثلثي أعداد المجلس البالغ (220) نائبا , وبدون التوافق على تسمية رئيس الوزراء لن يمرّ رئيس الجمهورية , وسيبقى البلد يدور في ظل الفراغ الدستوري بعد خروجه عن التوقيتات الدستورية .. وفتح باب الترشيح مجدّدا وإعادة مرّشح الحزب الديمقراطي الكردستاني ( ريبر أحمد ) , لن يقدّم أو يؤخر شيئا في انتخاب الرئيس ما لم يتم الاتفاق والتوافق مسبقا بين الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني على تسمية رئيس الجمهورية من جهة , والتوافق مع الإطار التنسيقي على تسمية رئيس الوزراء من جهة أخرى .. وبدون ذلك سيبقى الوضع الحالي على ما هو عليه وسيبقى البلد محكوم من قبل حكومة تصريف أعمال مستقيلة تخرق القانون كلّ يوم وتتصرّف بالمال العام خارج الضوابط والأنظمة , وفي ظل هذا الوضع الخطير يكون الشعب هو الخاسر الوحيد , وهذا ما تعمل عليه الكتلة الصدرية التي تقود الحكومة من خلال أمين عام مجلس الوزراء الصدري حميد الغزي ..
حاولت جاهدا أن أجد مخرجا دستوريا للخروج من هذه الأزمة الدستورية وهذا الانسداد السياسي , فلم أجد غير الرجوع للشعب الذي هو مصدر السلطات والعمل بموجب القاعدة الشرعية القائلة ( الضرورات تبيح المحظورات وتقدّر بقدرها ) , وهي أن يتوّلى رئيس مجلس القضاء الأعلى مسؤولية إدارة البلد لمرحلة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة تخرج البلد من هذا المأزق والفراغ الدستوري .. فإذا كانت السيادة للقانون بموجب المادة / 5 من الدستور والشعب هو مصدر السلطات , فليس أمامنا من مخرج سوى إلغاء نتائج هذه الانتخابات ووضع البلد تحت وصاية سلطة القانون لأنّ جميع المؤشرات تؤكد أنّ حسم موضوع انتخاب رئيس الجمهورية بين الحزبين الكرديين والتوافق على رئيس للوزراء بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي لا زال بعيدا جدا , والبلد يدار ويحكم بحكومة هي أشبه للعصابة المنظمة منها إلى الحكومة .. فأموال البلد تنهب أمام مرأى ومسمع هذه الحكومة , والأمن منفلت وحياة الناس وأعراضهم باتت تتحكم بها عصابات تعمل بأسم القانون وهي خارجة عن القانون كعصابة أبو رغيف سيئة الصيت والسمعة .. ولا بدّ للعقلاء في هذا البلد أن ينتشلوا بلدهم قبل الطوفان ..
أياد السماوي
في 10 / 03 / 2022