بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
للمؤلف مايكل كلار (Michael Klare) ثلاثة عشر كتاباً، بما في ذلك (حروب الموارد)، و(الدم والنفط)، و (توقعات متعمقة للطلب والعرض العالميين لجميع أشكال الطاقة)، وبما في ذلك (البترول والغاز الطبيعي والفحم و اليورانيوم). .
اما كتابه الذي نحن بصدده، والذي يحمل عنوان:- (Rising Powers, Shrinking Planet) حول القوى الدولية الصاعدة، فقد تناول فيه الارتفاعات غير المسبوقة للطلب على طاقة الوقود في ضوء التوقعات التي تشير إلى زيادة بنسبة 57 في المائة في الاستهلاك العالمي للطاقة بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن تستحوذ الصين والهند على ما يقرب من نصف هذه الزيادة. .
ثم يتطرق بالتفصيل الى المتغيرات التي ستطرأ على ملامح الجغرافيا السياسية في المناطق الغنية بالطاقة، فيستعرض سيناريوهات اللعبة الكبرى، حيث تتنافس القوى العظمى فيما بينها للاستحواذ على مناطق النفوذ والسيطرة. .
ويرى المؤلف ان صعود روسيا كقوة طاغية للطاقة من الأمور المثيرة للدهشة وبخاصة عندما صارت الطاقة من العوامل الإستراتيجية في حفظ الأمن الاقتصادي لروسيا. .
ويشرح المؤلف بالتفصيل كيف نجح بوتين في إعادة تأمين السيطرة على موارد الطاقة، وكيف ارتفعت قيمة غازبروم (أكبر مستخرج روسي للغاز الوطني في العالم) من 9 مليارات دولار في عام 2000 إلى 250 ثم إلى 300 مليار دولار في عام 2006. ويرى أن التعاون بين الدول ضروري، ويجب أن يبدأ بين الولايات المتحدة والصين، التي ستشكل 39 في المائة من استهلاك الطاقة العالمي بحلول عام 2030. ويقترح تفعيل التعاون الدولي في هذه المجالات وغيرها مع روسيا واليابان والهند وأوروبا. ويرى أيضاً ان تبني نظام دولي جديد للطاقة من الخطوات المصيرية التي لا تقدر بثمن. .
لكن تكهنات المؤلف واستنتاجاته المستقبلية لا تخلو من الحروب والنزاعات المسلحة للاستحواذ على مصادر الطاقة، فيتحدث في كتابه بلهجة واقعية تفترض الاسوأ، حيث كانت الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في العالم، لكنها لم تعد كذلك في ضوء تصاعد القوة الروسية والصينية. .
روسيا بسبب حيازاتها الهائلة للطاقة، والصين بسبب تعاظم مواردها المالية، واختلال التوازن التجاري. وبالتالي فإن الولايات المتحدة لم تعد وحدها في حلبة التنافس الدولي، سيما ان 10٪ من النفط تستوردها أمريكا من فنزويلا. في حين ظلت الاوضاع غير مستقرة في السودان التي تمتلك احتياطيات كبيرة من الطاقة، بينما ظلت كازاخستان محتفظة بدكتاتوريتها الذهبية لأنها تمتلك الكثير من النفط، في حين امتدح (ديك تشيني حكومتها زاعماً انها حققت التطور السياسي المثير للإعجاب على الرغم من تزويرها للانتخابات وبطشها بالمعارضة. .
يوصي المؤلف الولايات المتحدة بالعديد من الخطوات السياسية الفاعلة على المستويين المحلي والدولي، ويرى ان مصلحة البيت الابيض تقضي بعقد تحالفات جديدة مع اليابان والصين من أجل الاستغلال السلمي الأمثل لحقول الغاز في بحر الصين الجنوبي. .
يقدم المؤلف في هذا الكتاب الكثير من التصورات حول الصراعات الدولية المتوقعة التي ستدور رحاها لبسط النفوذ على مصادر الطاقة، ويرى انها ستولد منافسات جيوسياسية خطيرة، قد تستدعي تدخل الدول الكبرى بشكل متزايد في الأسواق في محاولة للوصول إليها والسيطرة عليها. .
ختاماً نذكر ان المؤلف مايكل كلير (Michael T. Klare) من كبار الاساتذة في خمس جامعات عالمية، ومن اشهر الباحثين في شؤون الدفاع لمجلة The Nation. .