بقلم : أياد السماوي ..
العديد من الرسائل وصلتنا تطلب منّا تسليط الضوء على مفهوم الكونفدرالية وهل من الممكن لإقليم كردستان أن يتحوّل إلى دولة كونفدرالية ؟ وهل الدعوّة إلى الكونفدرالية التي دعا لها رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور برزاني في لندن قابلة للتحقيق ؟ وقبل الإجابة على ما دعا له السيد بارزاني في لندن , يتوّجب علينا تقديم تعريف لكلا النظامين الفيدرالي والكونفدرالي .. فالنظام الفيدرالي بشكل مبسّط هو شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستوريا بين حكومة مركزية ووحدات حكومية أصغر تسّمى أقاليم أو ولايات , والدستور في ظل النظام الفدرالي هو السلطة العليا التي تستقي منها الدولة سلطاتها الدستورية , وهناك العديد من دول العالم تتبع النظام الفيدرالي , منها سويسرا وألمانيا والولايات المتحدّة الأمريكية وكندا والأمارات العربية المتحدّة والعشرات من دول العالم , وما يميّز النظام الفيدرالي عن النظام الكونفدرالي هو أنّ النظام الفيدرالي عبارة عن اتحاد بين أقاليم أو ولايات ضمن دولة واحدة مستقلّة وذات سيادة وتخضع لدستور واحد .. في حين أنّ النظام الكونفدرالي مختلف تماما عن النظام الفيدرالي , ويمكن تعريفه بأنّه اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول المستقلّة في ظل معاهدة تضمهم , وذلك بهدف التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى العسكرية , في الوقت الذي تحتفظ به كلّ دولة من دول الاتحاد بسيادتها تجاه غيرها من الدول الأعضاء أو باقي دول العالم , وخير مثال على الاتحاد الكونفدرالي هو الاتحاد الأوربي .. فالأساس في هذا الاتحاد أنّ الدول الأعضاء فيه هي دول مستقلّة ذات سيادة ..
وإذا ما أراد إقليم كردستان العراق أن يتحوّل إلى دولة كونفدرالية عليه أولا أن يحقّق الانفصال عن العراق وإعلان استقلاله كدولة مستقلة ذات سيادة معترف بها من قبل دول العالم , ومن ثمّ تأتي خطوة أن تتّحد دولة كردستان المستقلّة مع دولة العراق أو تركيا أو غيرها من دول المنطقة , فالأساس في تحقيق حلم الدولة الكونفدرالية هو تحقيق حلم الدولة المستقلّة أولا .. وبالنسبة لي أرى أنّ كلا الحلمين هو حلم العصافير كما عبرّ عن ذلك المرحوم جلال طالباني , وسأفترض أنّ السيد مسرور بارزاني ليس عصفورا بل هو نسرا , فأقول له يا سيد مسرور .. إعلنوا استقلالكم وسنكون أول من يعترف بكم , فنحن العرب لسنا ضد تحقيق حلمكم في الاستقلال , ولم يكن لنا يد في تقسيم أرض كردستان , ولم نستعمركم لحظة واحدة , والتحاقكم بالعراق جاء بإرادتكم بعد الاستفتاء الذي أجرته عصبة الأمم المتحدة في ديسمبر عام 1924 .. والنظام الفيدرالي الحالي يا سيد مسرور أنتم من طالب به وأنتم من صوّت عليه وبإرادتكم أيضا .. والدستور العراقي يا سيد مسرور لا يتيح لكم التصرّف كدولة مستقلّة داخل الدولة العراقية , فالصلاحيات التي ضمنها دستور العراق لكم محصورة داخل حدود المحافظات الثلاث , ولا صلاحيات لحكومة الإقليم خارج حدود الإقليم مترا واحدا .. أمّا أنّ تتصرّف حكومة الإقليم وكأنّها دولة مستقلّة وتقيم علاقات سياسية واقتصادية وأمنيّة مع دول العالم خارج سلطة وقرار الحكومة الاتحادية , فهذا أمر غير دستوري وغير مقبول بالنسبة لنا .. وبما أنّ الإقليم لا زال حتى اللحظة هو جزء من الدولة العراقية المستقلّة , فليس أمام حكومة الإقليم سوى الخضوع التام لدستور الدولة العراقية الذي صوّت علية الشعب العراقي بعربه وكرده وباقي مكوّناته عام 2005 .. والذي يفصل بالخلافات التي تنشأ بين الإقليم والحكومة الاتحادية هو المحكمة الاتحادية العليا , فهي الجهة الوحيدة المخوّلة دستوريا بتفسير مواد الدستور والفصل في النزاعات التي تنشأ , وقرارات هذه المحكمة يا سيد مسرور ملزمة لكافة السلطات سواء كانت اتحادية أو إقليمية , ونصيحتي باعتباري صديقا لكم هو تنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية العليا بحذافيرها وعدم التنّمر والتمرّد عليها , لأن هذا التمرّد على قرارات المحكمة الاتحادية لن يصبّ في صالح الإقليم .. وإن كان جنابكم يرفض هذا الكلام , فها أنا أعيدها عليكم بكلّ محبة ( إعلنوا استقلالكم وسنكون أول من يعترف بكم ) وبغير هذا ليس أمامكم سوى الخضوع الكامل لقرارات المحكمة الاتحادية ..
أياد السماوي
في 22 / 04 / 2022