بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
رحم الله المطرب الراحل (قاسم عبيد) صاحب الصوت الرخيم، وصاحب نظرية (رجعنه للهوى ودگينه بابه)، والذي صدح في الخمسينيات بهذا المقطع من الأبوذية العراقية المعتّقة، فيقول:-
شلك بالذي ياذيك لا ذاك
اتركه وبعد لا تطريه لا ذاك
اگله الدرب هذا يگول لا ذاك
لا يندل ولا يخليني أدليه
المؤسف له ان بعض المتطفلين على منصات التواصل من المشفرة عقولهم صاروا اسطوات في نشر سموم التفاهة والسخرية الباردة، فحين يكون الكلام عن حقوقنا السيادية الضائعة في شط العرب، وعن تداعيات الأخطاء السياسية الموروثة والمستحدثة، وكيفية استعادة مسطحاتنا المائية المستباحة، يعترض علينا بعض الحمقى والمغفلين بكلام متخبط لا علاقة له بالموضوع، فيتحول حديثنا عن مياهنا الإقليمية إلى حلبة مفتوحة للمهاترات والتراشقات والتعليقات الجارحة. وتكون النتيجة الابتعاد عن صلب الموضوع، والجنوح نحو حوار الطرشان والثرثرة الفارغة. .
كنت اتحدث قبل بضعة أيام عن التغيرات الجيولوجية والجيوسياسية في مصب شط العرب، فقاطعني أحدهم بمداخلة عجيبة عن مستقبل ميناء المعقل، الذي توقف وتوقفت معه موانئ شط العرب (العراقية والايرانية) منذ عام 1980. ويستفزني آخر بتساؤلات مثيرة للدهشة حول علاقة مياهنا الإقليمية بالجزر القبرصية المتنازع عليها في البحر الأبيض المتوسط. .
تذكرني هذه المداخلات البليدة بالمثل الشعبي القديم (عرب وين طنبورة وين). فقد كانت طنبورة امرأة صماء وبكماء، تزوجت من رجل فقير يدعى عرب، وكان إذا أرادها فرش عباءته على الأرض، فتنام عليها طنبورة حتى يقضي منها وطراً، وصادف ان تعرضت القرية لفيضان جرف البيوت والبساتين، فشرع الناس بالهرب حاملين معهم ما خف وزنه وغلى ثمنه، ولأن طنبورة كانت صماء لم تشعر بذلك الفيضان، ولم تسمع صراخ الناس وعويلهم. جاء زوجها مسرعاً إلى كوخه وفرش عباءته كي يجمع بها ما خف حمله وغلى ثمنه. فنامت طنبورة على الأرض، وهيئت نفسها ظناً منها أن زوجها يريد أن يطارحها الغرام، فلما وجدها (عرب) هكذا ضج بالعويل والبكاء، وهو يندب حظه العاثر، ثم قال مكلماً نفسه: عرب وين وطنبورة وين ؟. .
خلاصة الكلام: يبدو اننا نرفع عقيرتنا بالصياح في واد، وجماعتنا في واد آخر. .
والمشتكى عند الله. .