بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
من يشاهد فيلم (Sergio)، على شبكة Netflix، يشعر انه أمام دراما مثيرة للانتباه. الفيلم من إخراج جريج باركر، وكتابة كريج بورتن. وقد حمل اسم سيرجيو، الشخصية الحقيقية لسيرجيو دي ميلو، الدبلوماسي البرازيلي الذي قُتل في العراق عام 2003. .
تستند وقائع الفيلم على قصة حقيقية دارت أحداثها في مدينة بغداد. .
نشأ سيرجيو في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، وخدم في الأمم المتحدة لأكثر من ثلاثة عقود. وهو يتحدث خمس لغات بطلاقة تامة بضمنها العربية. وكان يحظى باحترام كبير في جميع أنحاء العالم. .
كانت مهمته تتمحور حول إنهاء الاحتلال الأمريكي بأسرع وقت ممكن، الأمر الذي وضعه على خلاف مع الولايات المتحدة وإدارة بوش. لكنه كافح أيضاً لكسب ثقة العراقيين واحترامهم. وكان يتباحث مع الأمريكيين للتوصل إلى حلول فورية تقضي بانسحابهم من العراق، وكان يتقاطع تماماً مع أهدافهم غير المعلنة، ويرفض رفضا قاطعا أن تتورط الأمم المتحدة بتجميل صورة الاحتلال الغاشم. فكان على خلاف مباشر ودائم مع الحاكم العسكري بول بريمر. .
في هذه الأثناء، أصبحت بغداد أكثر عنفاً وخطورة. فلقي سيرجيو حتفه تحت وطأة هذه الظروف الغامضة مع عشرين من موظفي الأمم المتحدة يوم التاسع عشر من شهر أغسطس / آب عام 2003. وقُصف مكتبه المؤقت في فندق القناة في بغداد. وأعلن القيادي في تنظيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي مسؤوليته عن الهجوم. .
لم يمت سيرجيو في بادئ الأمر لكنه ظل عالقاً تحت أنقاض المبنى، وكان من الصعب إخراجه سالماً، وظل يتحدث مع المسعفين والمنقذين إلى أن لفظ انفاسه الاخيرة متأثرا بجراحه. .
وبعد مضي سنوات على مقتله وجماعته، لا زال هذا الحادث المؤسف يكتنفه الغموض، ولا احد يعرف ما الذي حدث بالضبط، وليس هنالك أي تفسير لملابسات الهجوم الارهابي، ودوافع الجناة، والمسؤولية الأخلاقية المترتبة على الذين سمحوا لهم بالهجوم، وتغاضوا عنهم. سيما أن السرية الأمريكية المكلفة بحماية المبنى لم تكن موجودة في موقع الحادث اثناء الهجوم، وجاءت في الفيلم عبارة تثير المزيد من الشكوك، حين قال احدهم: لا نريد ان ندفن الحقائق تحت تراب المراوغة والخداع، ولا نريد التستر على المجرمين الحقيقيين. .
ويثير مخرج الفيلم المزيد من التساؤلات حول الأسباب والدوافع التي دعت الجيش الامريكي الى أغلاق الطرق والمنافذ المؤدية الى المبنى بعد قصفه وتفجيره، حيث أغلقته بعجلاتها المصفحة، لكنها أغلقت ايضا الطرق المؤدية الى المستشفى القريب. .
ختاماً: لقد رسم مخرج الفيلم اكثر من علامة استفهام حائرة ظلت تحوم حول مسرح الجريمة من دون ان يضع يده على القاتل الفعلي، لكنه ترك حزمة من الايحاءات حول تورط الادارة الأميركية بالحادث. .