بقلم : كاظم فنجان الحمامي …
يتعرض معظم المدراء في العراق، من وقت لآخر، لعمليات النصب والاحتيال عن طريق الهاتف الجوال، حيث يتلقون رسائل مفبركة على أرقام هواتفهم الخاصة، يرسلها إليهم بعض العاملين لديهم، ينتحلون فيها صفات نخبة من السياسيين المتنفذين، أو صفات أصحاب القرار، يطالبونهم فيها منحهم بعض المزايا الوظيفية خارج استحقاقاتهم الأصولية. فترتعد فرائص السيد المدير، ويسارع لتنفيذ المطلوب على الوجه الاكمل، وبلا تردد، طمعا بكسب رضا سيده الأعلى، وخوفاً من بطشه، وربما خشية وحفاظاً على منصبه، ثم يكتشف بعد الرضوخ والتنفيذ ان الرسالة كانت مزيفة، وانها صادرة من أحد العاملين معه، ويكتشف أيضاً انه كان محط سخرية الموظفين وتندرهم عليه، فيثأر لنفسه، ويصب جام غضبه على الموظف المحتال، وينتقم منه شر انتقام، ثم يحرك ضده الدعاوى القضائية، تارة بتهمة الغش والاحتيال، وتارة بتهمة انتحال الصفة. فيكون مصير الموظف البسيط السجن والطرد والحرمان. .
ولكن السؤال الذي يفترض ان يوجهه فضيلة السيد القاضي إلى جناب المدير، هو: لماذا استجبت للرسالة بادئ الأمر، ولماذا تعاملت معها بلطف، ولماذا سارعت بتنفيذ مضمونها على الرغم من علمك انها كانت خارج الضوابط والتعليمات ؟. وماذا لو كانت الرسالة صادرة بالفعل من جناب القيادي الكبير، هل سيبقى الحال على ما هو عليه على الرغم من ارتكابك المخالفة ؟، أم انك سترقص فرحا وطربا لنزولك عند رغبات سيدك الاعلى ؟. وكم عدد المرات التي تكررت فيها مواقفك الخاضعة لرغبات الما فوق ؟. .
لا شك ان المسؤولية التقصيرية تقع على عاتق المدير الضعيف، ولا بأس من إصدار عقوبة ادارية مخففة ضد الموظف المحتال بقصد توعيته وتهذيب سلوكه، ويفترض ان يكون مصير المدير الطرد والاعفاء من منصبه، وهذا هو السبيل الأمثل للاصلاح الإداري. الذي يفترض أن يعبر عن ظاهرة حتمية في مؤسساتنا العاجزة عن القيام بدورها ووظيفتها والأهداف التنموية المتوخاة منها، فللإصلاح دور كبير في سد الفجوة بين آمال السياسة الوطنية العامة، وبين الإمكانيات العملية والعلمية المتوفرة .فهو السبيل الأنجع للقضاء على كافة مظاهر الفساد والتسيب والظواهر البيروقراطية السلبية التي تعيشها معظم الأجهزة الإدارية. . .