بقلم : أياد السماوي …
أنّ الدافع الأساسي وراء انتخاب مجلس النواب هو النيابة عن الشعب , وبناء الدولة وتأكيد الهوية الوطنية المشتركة لأبناء الدولة الواحدة , وتسوية الخلافات بين الفئات والكتل السياسية بما يضمن الحفاظ على وحدة الوطن وتحقيق المصلحة العليا للشعب في إطار التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية , والبدء بإجراءات تشكيل السلطة التنفيذية التي تبدأ بانتخاب رئيس الجمهورية الذي بدورة يقوم بتكليف مرّشح الكتلة النيابية الأكثر عددا وفقا للمادة (76 / أولا) من الدستور .. وأنّ كلّ ذلك يفترض الالتزام التام بأحكام الدستور باعتبار أنّ الدستور هو الذي يعطي الشرعية لمؤسسات الدولة الاتحادية والإقليمية , وبخلافه تفتقد تلك المؤسسات شرعيتها .. وبما أنّ الدستور قد أوجب على مجلس النواب بموجب المادة (61 / ثالثا) انتخاب رئيس الجمهورية خلال المدّة الدستورية المنصوص عليها في المادة (72 / ثانيا / باء) وهي ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد للمجلس , فإنّ عدم التزام مجلس النواب بما جاء بالمادة (61/ثالثا) وانتخاب رئيس للجمهورية خلال المدّة الدستورية المقرّرة في المادة ( 72 / ثانيا / باء ) , فإنّ مجلس النواب العراقي في هذه الحالة يكون قد فقد شرعيته .. فالدستور هو الذي يعطي الشرعية لمؤسسات الدولة الاتحادية والإقليمية , وعدم التزام هذه المؤسسات التام بالدستور سواء كانت اتحادية أو إقليمية سيفقدها شرعيتها .. فلا معيّار للشرعية غير معيّار الالتزام التام بأحكام الدستور , وهذا ما نصّ عليه قرار المحكمة الاتحادية المرّقم ( 23 وموحدتها 25 / اتحادية / 2022 ) ..
ويبدو أنّ المحكمة الاتحادية العليا قد تنبّهت لهذا المأزق الدستوري الذي يمرّ به البلد ولم يعالج في الدستور العراقي .. فوضعت المحكمة مبدءا دستوريا جديدا منبثقا من نصوص وروح الدستور , وهذا المبدأ الجديد قد ورد في قرار المحكمة الاتحادية المرّقم ( 23 وموحدتها 25 / اتحادية / 2022 ) .. المبدأ الجديد قائم على أساس التزام مجلس النواب التام بأحكام الدستور , حيث نصّ قرار الحكم على ( .. وأنّ كلّ ذلك يفترض الالتزام التام بأحكام الدستور باعتبار أنّ الدستور هو الذي يعطي الشرعية لمؤسسات الدولة الاتحادية والإقليمية , وبخلافه تفتقد تلك المؤسسات شرعيتها ) .. وبهذا المبدأ الدستوري الجديد تكون المحكمة الاتحادية العليا قد امتلكت سلطة سحب الشرعية من أيّ مؤسسة اتحادية أو إقليمية لا تلتزم بأحكام الدستور .. وبما أنّ حالة الانسداد السياسي قد استمرّت إلى ما بعد جلسة مجلس النواب في 26 / 3 / 2022 ولم تتوّصل الكتل السياسية إلى توافق على رئيس الجمهورية , فإنّ مجلس النواب بهذه الحالة قد أصبح فاقدا للشرعية بسبب عدم التزامه بأحكام الدستور المنصوص عليها في المادة (61 / ثالثا) , وهذا مما يوجب على المحكمة الاتحادية القيام بواجباتها الدستورية والتاريخية المتمّثلة بحماية النظام الديمقراطي وسحب الشرعية من مجلس النواب الذي أخلّ بواجباته الدستورية وعدم التزامه بأحكام الدستور , وفي هذه الحالة يجب على المحكمة الاتحادية دعوة رئيس الجمهورية لإجراء انتخابات جديدة للبلاد خلال فترة أقصاها ستون يوما .. فهذا هو الطريق الوحيد للخروج من مأزق الانسداد السياسي الذي وضعتنا فيه نتائج الانتخابات النيابية المبكرّة ..
أياد السماوي
في 30 / 05 / 2022
السابق بوست