بقلم : حسن المياح …
وكيفية التعامل معه ومعها …
《 الإمام الحسين عليه السلام النموذج الحر الواعي الثائر 》
— الحلقة الثانية عشرة —
- عرض نماذج تفسيرية جزئية للنهضة والثورة والتضحية الحسينية *
أكيدآ لم يكن العراقيون كلهم ، والكوفيون على الأخص ، من نوع وجنس وسلوك وموقف واحد لا يحيدون عنه ، وأنهم به ملتزمون ، وعنه لا يختلفون ، أو يتفرقون …. ؛ وإنما هم على تعدد وجودات متنوعة ، ومواقف مختلفة …. . ولناخذ من الحر بن يزيد الرياحي ، نموذج موقف مختلف عما هم عليه الكوفيون الذين راسلوا الإمام الحسين عليه السلام فإنقلبوا على أعقابهم أولآ ، ثم إنقلبوا على الإمام الحسين ثانيآ ( وهناك إنقلابات لهم كثيرة لا يسعنا ذكرها ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا على / والى تدوينها ، وإعلانها بين الناس ، ليستفيدوا من تلك التجارب المنحرفة المؤلمة الفاجرة التعيسة ) ، وخانوه ثبات موقف ، وصدق عزيمة دعوة حرة عازمة هامة مريدة ، ورجولة من يعطي قرارآ حرآ شجاعآ مخلصآ ثابتآ ، وهو الملتزم به ، والعامل عليه ، والمطبق له ،مهما كانت الظروف ، ومهما كانت المتغيرات سلبآ ، أو إيجابآ …… وعصوه رجلآ إمامآ معصومآ رساليآ مجاهدآ عاملآ مخلصآ صالحآ …. . وليس من شيم نفوس أهل الرجولة والشجاعة والمباديء أن ينكصوا ويتراجعوا لأي سبب هم يتوسلونه ذريعة وحجة وتبرير موقف …… ؟؟؟ !!!
وإذا أردنا أن نصف وننعت ونسمي الحر بن يزيد الرياحي بما هو إنسان حر ، وما له من سمت شخصية على ما هو عليها — وأنا أنفرد بهذا التشخيص وهذه التسمية ، وأني المطلقها — أن الحر بن يزيد الرياحي هو《 رجل المواقف 》وهو الرجل الحر ذو الموقف العازم الحازم الحاس لما يتعامل مع الواقع ، بما هو الواقع عليه من كونه سلطانآ حاكمآ جابرآ قاهرآ فارضآ ….. ، وبما هو الحر بن يزيد الرياحي الرجل الذي يملك سلطان الحرية في الوعي والإعتقاد والإيمان والإرادة الحية المنتفضة والتصرف الحكيم المميز والصبر على كل محتملات العواقب لما يتخذ الموقف الرجولي البطولي الذي يريده هو ، والذي لا يفرضه عليه الآخر ، مهما كان ذلك الإخر ما له من سلطان حكم ، وقوة نفوذ ، وصلابة تأثير فرض ، وما هو عليه من سلطان جبروت تنفيذ مسؤولية التي هو فيها ، وما هو عليه من جلوس هانيء سعيد على كرسييها ، وبريق سلطان وهيمنة حاكميتها ، لينفذ ما يريد ، وما يحلو له أن يقوم به ، أو يترك …… ولذلك كان للحر بن يزيد — وهو المقاتل المدجج بالسلاح والعتاد والرجال — من مواقف متعددة مختلفة ، وأنها المنسجمة تعاملآ المطابقة مع الواقع الذي هو فيه ، والشخص الذي يتعامل معه …..
وقد إلتقى الحر بن يزيد الرياحي — قائد الجيش الأموي اليزيدي المنسلخ عن عقيدة لا إله إلا الله — مع الإمام الحسين عليه السلام ، وبالعرف الرسمي والتعامل الحكومي — بما هو عليه الحر بن يزيد من منصب مسؤول كتيبة ، أو أمير فوج ، أو قائد لواء ، من ترتيبات صنوف الجيش الأموي الظالم المنحرف الطاغي الحاكم — أن يعتبر الإمام الحسين العدو الذي يجب أن يقاتله ، وهذا هو واقع الحال المفروض عليه بما تراه الطغمة اليزيدية الحاكمة الظالمة المتسلطة المنحرفة السلوك عن خط إستقامة عقيدة لا إله إلا الله ، وبما هي عليه من طغيان رواسب جاهلية صنمية وثنية متراكمة على عقولهم ، ومتمكنة من أفئدتهم ، وما لها من سلطان عبودية إستعباد وإستحمار وإستمطاء فارضة عليهم لعبادة الصخر والحجر آلهة لهم ….. ، وهو ( أي الحر بن يزيد الرياحي ) الجندي الذي عليه وجوب الطاعة العمياء خدمة عسكرية في هذا الجيش ، وواجب تطبيق مقاتلة الإمام الحسين بما هو أمر عسكري مفروغ من تنفيذه ، وتأكيد قتل الإمام الحسين ، وقطع رأسه …. . ولكن الحر بن يزيد لم ينفذ ذلك ، وقد تعامل مع الواقع … ،والشخص المقابل … ، والحدث … ، وفق ما يراه هو بعقله وعقيدته وحكمة تصرفه لما يواجه الحوادث في الواقع ، لأن الحر بن يزيد هو * رجل المواقف * الحرة العازمة المريدة الحكيمة الواعية المختارة ، كما قلنا عنه ، ووصفناه حسن صدق وصف ، وحسن جمالصنع تعبير نعت وتسمية …. فتعاطى مع الإمام الحسين بكل أدب وأخلاق فروسية طيبة شجاعة نبيلة وإحترام ، لما رأى من سمت شخصية الإمام الحسين ، ومن وداعة تصرفه ، وحسن أخلاقه ، وتمام فروسية شجاعته وثباته على قيم الحق والخير والإستقامة والعدل ، وهو الذي كشف للحر رسائل القوم ، وأنهم طالبوه بالمجيء ، وحتموا عليه ذلك ، ووجبت الحجة عليه أن يأتي ، ويلبي الطلب …. ، وها هو الإمام الحسين عليه السلام قد جاء ، وصدق الوعد ، ونفذ الطلب المرتجى منه الخلاص النجي لهم …. ؛ والحر أنكر معرفته بهذه الرسائل ، لأنه ربما الحر بن يزيد وجيشه الذي معه لا علم ولا علاقة لهم بهذه الرسائل المرسلة …… ولذلك حكم الحر بن يزيد عقله ، ووازن بين الأمور ، وعرف الحق والقول الصادق …. وهكذا كان الإمام الحسين عليه السلام ، وهكذا أيضآ كان الحر بن يزيد الرياحي تعاملآ حكيمآ واعيآ سليمآ مؤدبآ موفقآ مع الواقع والظروف والملابسات …..
وأما الجعجعة — التي تذكر وتقال بالكتب والتأليفات وما شاكلها من كراسات التدوين التاريخي اللامنضبط — بالحسين من قبل الحر بن يزيد ، وما الى ذلك من فروض وإعناتات جابرة وإهانات وتصرفات لا تشم منها رائحة الفروسية والبطولة الشجاعة ، ما هي إلا أوهام لفقت لوصف حال عاطفي مأساوي لما يعانيه الإمام الحسين ، وهو المفروض عليه فرض سلطان قوي قادر ضاغط جابر ….. ، من أجل جلب حنية الناس ، والشيعة بالخصوص منهم ، والإنتماء اليه ، والتقرب مواساة الى ما هو عليه من ورطة ألم ، وشدة مأساة ، وذرف الدمعة عليه للتخفيف من آلامه وعذاباته ، والشعور بالحزن والمأساة التي هو عليها وفيها ، عل هذا الشعور والإحساس أن يفيد الإمام الحسين تخفيف أزمة لوعة ، ويثمرهم علاجآ للتهوين والتخفيف والتلطيف من تحمل آلام الجراحات التي يقاسيها الإمام الحسين وأهل بيته ….. وما الى ذلك من تخرصات واهمة ، وإلتماسات واهية هابطة …… ؟؟؟ ولكن الذي حدث بين الإمام الحسين والحر بن يزيد ، كان حوار فارس جواد كريم ذا عقيدة وإيمان وثقافة راقية ناضجة وتحمل مسؤولية مهني عال وأداء تكليف واجب ، وأنه الحوار الخلوق الإستراتيجي الرفيع الشأن على كل المستويات والصعد ، وأنه نقاش ملاحاة إتخاذ موقف لما يخدم القضية التي من أجلها أن يكون الموقف الواقعي السليم المثمر لما هو عليه من مسؤولية ….. وهكذا كان هو الحوار والتخيير …. وعقد العزم أن يكون الإمام الحسين في كربلاء ، كما هو المخطط له إلاهيآ أن يحدث القتال فيها ، وتجري الأحداث على أرضها ، وتكون التضحية مسجاة على تربتها لتكون التربة طاهرة خالدة أبد الآبدين ، لما للإمام الحسين عليه السلام من طهارة ديمومة وإستمرار خلود نابع من سما عطر أساس خلود《 عقيدة لا إله إلا الله 》 …… ؟؟؟ !!!
وللحر موقف آخر متنوع مختلف يوم كان قد حمي الوطيس ، وتباشرت بوادر القتال أن يبدأ ، وتعامل الحر بن يزيد الرياحي ، الرجل الحر الأبي البطل الشجاع الحكيم المالك لحريته في الإعتقاد والإيمان والموازنة بين الأمور بحصافة وتخطيط عقلي حر واع عازم حازم حاسم مريد …. مع الواقع — وهو رجل المواقف الحرة البطولية الرجالية الشجاعة المستبسلة المختارة المقتنعة المقدامة ، وقد خير نفسه بين أن يكون مع الحق وأن ينتمي الى معسكر الإمام الحسين عليه السلام ، أو أن يكون مع الباطل كما هو الآن في ذلك الوقت المنتمي الىجيش يزيد بن معاوية الأموي ….. . والرجل الحر الشجاع البطل الجسور المعتقد المؤمن الكريم لا يختار على الحق أي باطل ، مهما تورم ذلك الباطل غنى وجاهة ، وإنتفاخ تكديس مال ، وإنتفاش حال سعادة على حساب من ظلمه من الناس ، مهما كانوا أولئك الناس من تعددات مراتب وجوداتهم من حيث المسؤولية ، والوجود المواطني البسيط المستضعف الصابر السليم …. ، لسرقة حقوقهم وإمتيازاتهم وإهتماماتهم وكل ما هي من مسؤوليات عيشهم الإنساني العزيز الكريم …. وإتخذ صاحبنا رحل المواقف بن يزيد الرياحي ، الموقف الحر الحكيم ، الشجاع السليم ، القوي الأمين ، وأصبح مع جند الإمام الحسين عليه السلام ، بعدما كان الجندي الحر الأمين بما له من مكانة إجتماعية عالية المرتبة في الناس ، ومن مكانة عسكرية حرة واعية مسؤولة حكيمة تتعامل مع الواقع بما يستحقه من حكمة وعي تعامل ، وآن كان هو في جيش يزيد الكفر والإنحراف ، والطغيان والدكتاتورية الظالمة المستعبدة ، وما هي أوامر الكفر والإعتداء ، والظلم والنهب ، والسلب والطغيان ……
ورحم الله أم الحر المؤمنة الطيبة الواعية الصادقة حكمة لما سمت إبنها ، إبن يزيد الرياحي ، بالحر …. فنعم وأكبر وأرفع وأزكى الأسم … على أصدق وأسمى وأحق وأشجع وأحكم المسمى ، لما سمي ب《 الحر بن يزيد الرياحي 》، فهو《 الحر 》في التعامل مع الواقع وإتخاذ الموقف …. وهو 《 يزيد 》لإضافات سمات جودة حسن صنع شخصيته من الحكمة والشحاعة والبطولة ، ومن طهر نجابة مولد ونقاء وصفاء رضاعة من ثدي عدل وإستقامة وتقدير وجودات مواقف ، 《 الرياحي 》الذي يشم منه طيب عطر العقيدة والإيمان والثبات والرسوخ والصبر والمصابرة على إنخاذ المواقف الحكيمة النبيلة ، وما هو عليه من الكرامة الإنسانية الشجاعة في أحسن تقويم ….
ونعم الحر …. !!! أن يكون الحر ….. ؟؟؟ وعليه فقس كم هو الموجود من الناس على مثله ، وإقتداء خطاه …..؟؟؟
حسن المياح – البصرة .