بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
إذا كانت الوقائع التي نسمع بها ونراها أمام أعيننا تتعرض كل يوم وكل ساعة للتحريف والتزييف، فما بالك بحجم التزييف الذي تعرضت له المدونات التاريخية عبر المراحل السياسية المتعاقبة، التي حفلت بالتناقضات والأكاذيب، وخضعت فيها السجلات للحذف والإضافة والافتراء، وتسببت في رسم صورة ضبابية للماضي القريب، فما بالك بالماضي البعيد ؟. وكيف نؤمن بمصداقية المؤرخين وكتاباتهم التي تعود إلى القرون البالية في الوقت الذي بلغ فيه التضليل هذه الأيام مبلغاً يذهل العقول ؟. وأين سنقرأ التاريخ الخالي من التزييف والتزوير ؟، وما الذي سنقوله للأجيال القادمة عن الأحداث التي تعايشنا معها لكننا لم نقتنع حتى الآن بصحة البيانات المنشورة عنها. .يقول الكاتب الأميركي الساخر مارك توين، إن الحبر الذي كُتب به التاريخ ما هو إلا تعصب سائل. .فقد باتت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي منصة للحملات النوعية التي يشنها المغردون. وأضحى من الصعب التصدي لأكاذيبهم المنتشرة فوق سحب الفضاء الأزرق. .لا أريد الاستشهاد ببعض التغريدات المضحكة تجنباً للسخرية والتندر، ولا أريد استعراض تغريدات المضخات الاعلامية العملاقة حتى لا يتهموننا بالتحريض. .وما أكثر التصريحات المتناقضة والمتداولة الآن حول تبعية المنظمات الارهابية التي استباحت دماء الابرياء في كل مكان، من دون ان نتعرف بالوثائق على الجهات التي تمولها أو التي تقف وراءها، فالتفجيرات والاغتيالات التي اُرتكبت في العراق كان (الطرف الثالث) هو المتهم بارتكابها، لكننا لا ندري حتى الآن من هو الطرف الثالث، الذي ظل غامضاً حتى الساعة. ولا ندري ما الذي سيكتبه المؤرخون عن هذه المرحلة التي نعيش تفاصيلها المزعجة ؟. .تقول الحكمة التركمانية: لا تصدق كل ما تسمع، وصدق نصف ما ترى، وأترك النصف الآخر لعقلك. .فما أتعس التاريخ الذي يتعرض على الدوام لنزوات المغردين.