بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
ازدحمت مكتباتنا بالمقالات والدراسات والبحوث القانونية والسياسية الرافضة لمعاهدة بورتسموث منذ عام 1948، وهو العام الذي وقعت فيه الاتفاقية على ظهر السفينة الحربية (فكتوريا) التي كانت راسية على ارصفة ميناء بورتسموث البريطاني. واستمرت الأصوات الوطنية بإعلان رفضها وشجبها منذ ذلك العام وحتى يومنا هذا ونحن في عام 2022. لكننا لم نطّلع حتى الآن على بنودها ونصوصها وفقراتها، ولا توجد نسخة واحدة متوفرة ومتيسرة باللغة العربية أو الانجليزية تسمح لنا بمراجعتها والتعمق في التعرف عليها، الأمر الذي اضطرني للاستعانة بأصدقائي الموجودين في لندن للحصول على نسخة pdf للاتفاقية، فارسلوا لي نسخة مطبوعة على ورق قديم ومكتوبة بخط غير واضح. وعلمت منهم أن النسخة الاصلية موجودة في المكتبة الوطنية البريطانية في لندن (British Library). لكن المشكلة تكمن في انه يُسمح لك بتصفحها فقط عند الطلب، ولن يسمح لك بتصويرها أو استنساخها. .حتى الدراسات والبحوث والمقالات التي رفضت الاتفاقية لم تتطرق الى فحواها ومضمونها الحرفي. .لقد وصفوها بشتى الاوصاف المشينة، قالوا انها اتفاقية مُذِلّة ومسيئة واستعمارية ومهينة وظالمة، والاغرب من ذلك انني سمعت حديثا قبل بضعة أيام لإعلامي عراقي من المطالبين بالتطبيع، سمعته يشجب معاهدة بورتسموث رغم انه يحمل الجنسية البريطانية، ويدير أكبر الفضائيات الممولة من الجماعة، لكنه يدعو في الوقت نفسه للتطبيع، فهل فقرات معاهدة بورتسموث أسوأ من التطبيع ؟، وهل فيها تنازلات سخية عن حقولنا النفطية لصالح الشركات النفطية البريطانية ؟. وكيف استطاع الباحثون تشخيص مواطن الخلل في تلك المعاهدة من دون ان يطلعوا عليها ؟. .والسؤال الأهم، اننا ندرك ان المعاهدات الدولية الثنائية تُبرم بين طرفين: طرف أول وطرف ثان. وفيها مكاسب للطرف الاول، ومكاسب للطرف الثاني، لذا نجد انفسنا بحاجة للتعرف عن كثب على المكاسب العراقية مقابل المكاسب البريطانية في تلك المعاهدة المعطلة. . وفي ضوء ما تقدم نكرر حاجتنا إلى الوقوف على نصوصها القانونية الدقيقة، لأنه من غير المعقول ان تختفي المعاهدة من رفوف المكتبات العراقية، وتختفي من خزانات وزارة العدل، ووزارة الخارجية ؟. لا شك انها فقدت مفعولها منذ ما يزيد على سبعين سنة، ولم تدخل حيز التنفيذ، وانها أصبحت من المعاهدات المنسية. لكن متطلبات الحوار الاستقصائي تلزمنا بمواصلة البحث عنها، والتعرف عليها. . اما اعجب العجائب وأغرب الغرائب، هو هذا التشابه والتطابق بين المقالات التي تناولت هذا الموضوع، وكأنها مقالات كتبها شخص واحد باسماء متباينة. وجميعها تناولت الفقرات التالية: مدخل – المفاوضات – تصريحات الجمالي – توقيع المعاهدة – تصريحات صالح جبر وردود الفعل الشعبي. . مجرد تكرار رتيب لكلام معاد، ومنقول من موقع الى آخر بينما ظلت المعاهدة مخفية في ركن مظلم لم نستطع الوصول اليه. .