بقلم : أياد السماوي ..
لا شّك أنّ الساعات القادمة من عمر العراق تحمل معها أخطر قرار سيتّم اتخاذه في مرحلة ما بعد سقوط الديكتاتورية , حيث ينتظر العالم بأسره والشعب العراقي على أحرّ من الجمر قرار الإطار التنسيقي في تحديد أسم المرشّح لرئاسة مجلس الوزراء , ولا شّك أيضا أنّ هذه المهمة الصعبة للغاية تتطلّب من الجميع التّخلي نهائيا عن المصالح الحزبية والفئوية التي أوصلت البلد لهذا المستوى من الانحدار والتدّني والفساد , والتّحلي بأعلى درجات الوطنية ونكران الذات وتغليب مصالح البلد والشعب العليا .. فبعد قرار الإطار التنسيقي الصحيح والموّفق باستبعاد قادة الصف الأول من الترشّح لرئاسة مجلس الوزراء واقتصار ذلك على قادة الصف الثاني , بات من الضروري اختيار الأنسب والأصلح والأكثر خبرة في المجالين السياسي والإداري للعبور بالبلد إلى الضفّة الأخرى .. فالوضع الداخلي في العراق يقف اليوم على كف عفريت ومهدّد بالانفجار في أيّ لحظة , خصوصا إذا ما عادت الكتل السياسية إلى ذات المبدأ الذي قامت عليه الحكومات السابقة والذي أوصل البلد لهذا المستوى من الفساد والانحطاط الأخلاقي والقيمي , وأدّى إلى ضياع وهدر ثروات البلد وثروات أجياله القادمة .. وبلدنا يمرّ اليوم بانعطافة تاريخية هامة وخطيرة , حيث يقف على مفترق طرق , بين جادّة النجاة من الفوضى وجادّة الغرق في الفوضى , واختيار أيّ من الطريقين سنسلك هي مهمّة ومسؤولية تاريخية تقع على عاتق قادة الإطار التنسيقي أولا وأخيرا .. وبكلّ تأكيد أنّ من يشارك في التصويت لاختيار المرشّح لمنصب رئيس مجلس الوزراء , سيكون مسؤولا أمام الله والشعب والتاريخ , وما على الجميع إلا العودة إلى الله أولا و إلى ضمائرهم ثانيا عند التصويت لهذا أو ذاك من المرشّحين ..
ثمة أمر ثاني لا يقلّ أهميّة وضرورة عن مهمّة اختيار المرشّح لرئاسة الوزراء , فقد آن الأوان لجميع الأحزاب والكتل السياسية التي تصدّت للمشهد السياسي خلال الفترة المنصرمة , الإقلاع عن مبدأ المحاصصات القومية والطائفية والحزبية الذي قامت ونشأت عليه العملية السياسية الجارية , والذي أوصل البلد لهذا المأزق المأساوي من الفساد والانحطاط وضيّع ثروات الشعب وثروات أجياله القادمة .. فمن سيحظى بثقة أصوات نواب الإطار التنسيقي يجب أن يكون مرشّح البيت الشيعي لرئاسة الوزراء , ويجب أن تترك له الحريّة المطلقة في اختيار كابينته الوزارية من دون أيّ تدّخل من قريب أو بعيد في تشكيلة الكابينة الوزارية التي سيختارها , حتى يتحمّل لوحده المسؤولية الكاملة عن أيّ أخفاق أو فساد في حكومته , أمّا إذا عدنا لذات المبدأ في توزيع الوزارات على الكتل السياسية , فبكلّ تأكيد أنّ هذه الحكومة سوف لا تكون مختلفة عن حكومات الفساد التي قامت بعد سقوط الديكتاتورية , وسنعود إلى ذات المرّبع الذي لم نتمّكن من من مغادرته حتى اللحظة .. وليعلم الجميع أن صبر العراقيين شارف على النفاذ , والشعب ينتظر حكومة مختلفة تماما شكلا ومضمونا عن كلّ الحكومات السابقة , يريدها حكومت للخدمات والبناء ومحاربة الفساد وإنهاء الفقر والجوع والتخلّف والبطالة , واللحاق بالنهضة الاقتصادية والعمرانية من خلال التعاقد على إقامة المشاريع الاقتصادية والاستراتيجية العملاقة .. وكلّ هذه الأماني المشروعة التي ينتظرها الشعب مرهونة بقرار اختيار رئيس الوزراء القادم والسماح له تحديدا وحصرا بتشكيل كابينته الوزارية .. لا عودة بعد اليوم لبورصات بيع مناصب الدولة العليا , ولا عذر لرئيس الوزراء الذي سيقبل بالإملاءات المفروضة عليه .. فالساعات القادمة هي ساعات حاسمة من عمر العراق ..
أياد السماوي
في 13 / 07 / 2022