بقلم : أياد السماوي ..
قال الله تعالى في كتابه المجيد ( بسم الله الرحمن الرحيم .. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) .. صدق الله العلي العظيم
ما جرى من أحداث مؤسفة في بغداد يوم أمس واقتحام المحتّجين على ترشيح السيد محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء من قبل الإطار التنسيقي , مبنى مجلس النواب العراقي رمز الديمقراطية في العراق , لم يكن حدثا عابرا وعفويا قط , بل هو مؤامرة وانقلاب على النظام السياسي القائم ومؤسساته الدستورية , مؤامرة خطّطت لها أجهزة مخابرات دوليّة وإقليمية بالتنسيق مع حكومة رئيس الوزراء مصطفى مشتت المستقيلة , وقام بتنفيذها مجاميع تابعة للتيّار الصدري .. ما حدث يوم أمس قد أثبت بالدليل القاطع أنّ رئيس الوزراء مصطفى عبد اللطيف مشتت هو الداينمو المحرّك لهذه المؤامرة القذرة التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام السياسي القائم وإشعال فتيل الحرب الشيعية الشيعية , فالخطّة المرسومة لهذه المؤامرة كانت تقضي بالسماح لانصار التيار الصدري بالدخول إلى المنطقة الخضراء والتوّجه نحو مهاجمة بيوت المسؤولين وقتلهم , ومن ثمّ جر قوات الحشد الشعبي للاشتباك المسلّح مع هذه المجاميع وإراقة الدماء وسقوط أكبر عدد من الضحايا .. فالجزء الأول من المؤامرة قد تمّ تنفيذه بالكامل حيث سمحت القوات الأمنيّة المسؤولة عن حماية المنطقة الخضراء لهؤلاء المحتّجين بالدخول إلى المنطقة الخضراء وعدم اعتراضهم ومن ثم السماح لهم بالتوّجة إلى بيت نوري المالكي لمهاجمته واقتحام مبنى مجلس النواب العراقي , لكنّ الذي أسقط وأفشل المؤامرة هو حنكة الإطار التنسيقي بالتعامل مع الحدث وعدم زج الحشد الشعبي في التصدّي لهذه المجاميع الخارجة على القانون ..
وربّ سائل يسأل , على من خرج أنصار التيّار الصدري وضدّ من ؟ هل أنّهم خرجوا على فساد الحكومة الحالية أم على فساد الحكومة التي لم تتشّكل بعد ؟ وماذا أراد زعيم التيّار الصدري من خلال هذه الغزوّة على مبنى مجلس النواب العراقي والعبث فيه ؟ هل الرسالة هي لمنع مجلس النواب من عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية والبدء بإجراءات تكليف السيد محمد شياع السوداني تشكيل حكومته أم هي رسالة لحل مجلس النواب والدعوة لإجراء انتخابات جديدة ؟ فإذا كان الهدف من هذه الغزوّة هو الدعوة لحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرّة جديدة , لكان الأولى أن يحقق هذا الهدف وبشكل دستوري هم نواب التيار الصدري نفسه قبل تقديمهم استقالاتهم بشكل جماعي إلى رئاسة مجلس النواب وحسب المادة (64) من الدستور العراقي ؟ وكانوا مع حلفائهم في التحالف الثلاثي يمتلكون الأغلبية المطلقة لتحقيق هذا الهدف , فلماذا انسحبوا من مجلس النواب ؟ وإذا كان النواب الصدريون قد عجزوا عن تحقيق هذا الهدف بشكل دستوري وقانوني داخل قبّة مجلس النواب , فهل يتوّقعون أن يسمح لهم خصومهم بتحقيقه عبر الفوضى والخروج على القانون ؟ من يا ترى الذي أوحى للصدريين أنّ استنساخ تجربة سريلانكا في العراق ممكنة ؟ فهل كانت حكومة الكاظمي ليست حكومتهم ؟ أم أنّ هذه الفوضى لمنع تشكيل حكومة السيد محمد شياع السوداني والرضوخ لكصكوصة زعيمهم ؟ فالسيد محمد شياع السوداني هو مرشّح الإطار التنسيقي الذي هو الكتلة الأكبر بالإجماع , وحكومته التي سيشّكلها هي حكومة دستورية تستّمد شرعيتها من الدستور العراقي بموجب المادة (76) من الدستور العراقي بعد التصويت عليها من قبل مجلس النواب العراقي , ولا تراجع مطلقا عن تشكيلها , وإذا كان رئيس الوزراء مصطفى عبد اللطيف مشتت مع قادته الأمنيين الثلاثة ( عبد الأمير الشمري , أحمد سليم بهجت , حامد مهدي الزهيري ) قد تواطؤا مع الصدريين في الدخول إلى الخضراء واقتحام مبنى مجلس النواب , فالشعب والجيش والحشد الشعبي هم من سيحمي النظام السياسي القائم ويحمي مؤسساته الدستورية , ولن يسمح أبدا لمن يريد الانقلاب على العملية الديمقراطية ويسقط النظام السياسي القائم , وسيكون حساب المتآمرين على قلب النظام والمتواطئين معهم من القادة العسكريين المتخاذلين عسيرا جدا .. فلا تراجع عن تشكيل الحكومة ولا تهاون وتخاذل عن حماية النظام السياسي القائم ومؤسساته الدستورية ..
أياد السماوي
في 28 / 07 / 2022