بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
من بين الشخصيات العراقية التي تتفاخر بها صفحات منصة التيك توك هذه الأيام : عمار الزنجي – قاسم بهية – ابن حلومة – ارزوقي كوبرا – احمد الهندي – حسين اعور – حسون الوصخ- جبار حديدة. نماذج من الأشقياء (الشقاوات) وأرباب السوابق، اشتركت بعض الفضائيات العراقية في تلميع صورتهم، والتحاور معهم للاستزادة من فنونهم في ارتكاب المعاصي، وربما لنشر ثقافة التفاهة، فالطيور على أشكالها تقع، وشبيه الشيء منجذبٌ اليه. .
وقد استفزتني صورة لهؤلاء تجمعهم فوق ظهر أسد بابل في الموقع الأثري القديم لحضارتنا العريقة، التي أرست ركائز الفنون والعلوم والآداب لكل السلالات البشرية في عموم كوكب الأرض. .
والانكى من ذلك شاهدت صورا لبعض المتعلمين الذين اختاروا الرقص على إيقاعات الچوبي فوق ظهر أسد بابل، في انتهاك صارخ لعاصمة الحضارة والأساطير، المدينة التي ادرجتها اليونسكو في سجلات التراث العالمي. .
تكمن مصيبتنا في العراق في سلوك الاغبياء الذين تعمدوا الاساءة لرموز حضارتنا الضاربة في أعماق التاريخ، ففي الوقت الذي كانت تتفاخر فيه مدينة لندن باستعراض تمثال الثور المجنح (لاماسو) وسط ساحة الطرف الأغر، كانت معاول تنظيم داعش في العراق منشغلة بتحطيم اجنحة الثور الآشوري في الموصل، وكانت إدارة مطار بغداد بقيادة مديرها (علي خليل) تزيح تماثيل الثور المجنح التي كانت تزين بوابة صالة نينوى.
تفتخر الشعوب الواعية بتاريخها وأبطالها. وما زالت كتب التاريخ تتباهى بحضارة وادي الرافدين، وتعتز بها، ولا توجد أمة أو دولة مهما كان حجمها، إلا ولها تاريخ تفتخر به وتدرّسه لأبنائها، بحيث أصبح التاريخ مادة أساسية في أيّ دولة، إذ يطّلع فيها الدارس على أحداث الماضي وشواهده التي تقوي ارتباطه بالقيم التاريخية، وتعزّز انتماءه للتراب والوطن. اما إذا كانت الامة منشغلة بتمجيد الاشقياء والسرسرية وشذاذ الآفاق ومن لف لفيفهم، فتلك علامة من علامات انهيارها وضياعها وتقهقرها. .