بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
ما الذي تغير في العراق منذ عشرات القرون وحتى يومنا هذا، فقد ظل الحال على ما هو عليه منذ واقعة الطف، ثم تعاقبت علينا المآسي والويلات، وانهالت فوق رؤوسنا المصائب والنكبات في كل حقبة، ولم يعد هنالك أي فرق بين ماضينا وحاضرنا، حيث لم تتغير سيناريوهات المجازر الطائفية والعرقية والقبلية المتوالية على مر العصور والدهور، فكل الذين حكموا العراق حكموه بالحديد والنار والخوف والترهيب، وكل الذين استباحوا أرضنا نهبوا ثرواتنا، وأهدروا دماءنا، ومارسوا ضدنا أبشع أساليب البطش والاضطهاد والتنكيل والتعذيب، لكن المثير للدهشة ان طباع الناس ظلت كما هي، فلم تتبدل، ولم تتغير، فالذين تمردوا على المبادئ والقيم كانوا من أشد المتظاهرين بالورع والتقوى. وظلوا يتناسلون ويتكاثرون جيل بعد جيل، وفصيل بعد فصيل، حتى وصلنا الى اليوم الذي خرج فيه علينا نفر من صفوفنا استصغروا شأن محبي أمير المؤمنين، واختزلوا تعدادهم، فقالوا عنهم: كانوا خمسة فقط. .
لقد سقطت بغداد اكثر من 21 مرة على يد الغزاة، وكان الخونة والانتهازيون هم الذين يصفقون لهم في كل مرة، وهم الذين ظلوا يتغنون بحب الجبابرة، ويتفاخرون بانتهاكات الطغاة حتى يومنا هذا، فالمظاهر التي نراها منذ أكثر من نصف قرن في حلقات هذا المسلسل تكاد تكون طبق الأصل عن كل عقد من الزمان. جموع غفيرة يصفقون ليل نهار لقائدهم الأوحد، وزعيمهم الفذ، وبالروح بالدم نفديك يا زعيم، وعلي وياك علي، والله يخلي الريس – الله يطوّل عمره، وهلا بيك هلا وبجيتك هلا، والانكى من ذلك ان الاحزاب العراقية كانت كلها مسلحة منذ عام 1958، وكانت ولازالت كلها تؤمن بالعنف الثوري، وكلها ترفض الحوار مع الخصوم. ولكل حزب قدراته الخارقة في العبث كيفما يشاء. بما يتمتعون به من نشوة العبودية السياسية التي يصنعها حولهم البعض. حتى ارتبطت الصنمية في أذهانهم بصورتها المادية التي تجلت في كل موسم من مواسم الفوضى التي صرنا فيها فرجة لكل الشعوب والأمم. .
فنحن مجرد كومبارس في مسلسل تاريخي عتيق تم تصويره بالألوان الدامية. .