بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
ابتكر السياسيون معان جديدة لمفردة (التسقيط)، التي تعني: الإجهاض (بالإنجليزية: Abortion)، فالجهيض هو الجنين الذي توقف عن النمو قبل اكتماله. يقولون: إسقاط الجنين: أي إِلْقاءُ الأم لِولدها قبل اكتماله، ويسمى التطريح أيضا. .
لكن هذه المفردة تسللت إلى القاموس السياسي في العراق، واصبحت من الأمراض الديمقراطية السارية، ثم صارت أداة من أدوات دكتاتورية الأغلبية لتشويه صورة الخصوم أمام الرأي العام، وتخوينهم والتحريض عليهم، والبحث عن مثالبهم وإفحامهم، وتلفيق الاتهامات ضدهم، بهدف إقصائهم واستبعادهم، وتهميشهم والإساءة إليهم، والانتقاص من مكانتهم في المجتمع، وحرمانهم من فرص إحراز الأصوات في الانتخابات. .
ليس بالضرورة ان تأتي حملات التسقيط من الخصوم والأعداء، فنسبة كبيرة منها تأتي من أقرب المقربين إليك في الكيان الذي ترتبط به. .
ولسنا مغالين اذا قلنا ان التسقيط هو المنهج السائد في اروقة العملية السياسية، حتى أصبح الخطاب السياسي خطاباً إقصائياً بإمتياز. ومما يؤسف له أن يتقبل المثقفون تلك الفكرة ويسلموا بها تسليماً، دون نقد أو أعتراض. .
فالتسقيط بكل أشكاله، السياسية والدينية والمذهبية، هو آفة مزمنة، وهو أصل الداء، ومصدر كل ما نعانيه من مظاهر الفشل والتخلف والتعصب والتفرق والاستبداد. ويتعين علينا مواجهة خطاب الإقصاء ومنهجه بحلول إجرائية عملية، خصوصا بعدما أصبحت معظم الكيانات المؤمنة بالتقسيط هي نفسها ضحية هذا المنهج السيء. .
من هنا ينبغي الاعتراف بشرعية الاختلاف، والإيمان بأن العراق أكبر وأرحب من أن يُختزل في كيان سياسي واحد، أو حزب واحد، أو مذهب واحد، أو طائفة واحدة. ولابد من تبني الفكر الوطني الصادق، والخطاب الديني المتسامح، والتشريعات العادلة التي لا تقصي الآخر المختلف. وعلى دولتنا أن تنأى بنفسها عن تبني خيارات مذهبية أو طائفية، وعليها كفالة حقوق الأقليات، بتوفير فرص متكافئة لجميع المواطنين. .
ربنا مسنا الضر وانت ارحم الراحمين