بلاويكم نيوز

آيات رشدي الشيطانية

0

بقلم: قاسم الكفائي ..
كنتُ مقيما في إسلام آباد عاصمة دولة الباكستان حين ظهر علينا الهندي سلمان رشدي بكتابه الذي أسماه (آيات شيطانية صدر في لندن1988). بعد تسعة أيام من صدور الكتاب منعت الهند مواطنها سلمان من دخول أراضيها، وكانت دارُ النشر التي أصدرته تتلقى آلاف الرسائل والتهديدات والإتصالات الهاتفية يوميا مطالبة بسحبه من دور بيع الكتب. والدول التي منعت دخول هذا الكتاب الشيطاني عديدة منها : تايلند، تنزانيا، جنوب أفريقيا، سريلانكا، فنزويلا، سنغافوره، السودان، بنغلادش، كينيا، إيران، أندونيسيا، وغيرها. أما الدول التي خرج فيها المسلمون بتظاهرات الشجب والإدانة بأشد العبارات تنديدا بهذا الكتابِ وكاتبهِ والمؤسسات التي تقف خلفه فهي عديدة قد تصل الى ثلاثة أرباع دول العالم منها على سبيل المثال: بومباي في الهند، الخرطوم في السودان، دكا في بنغلادش، واسطنبول في تركيا، وفي طهران عاصمة الجمهورية الإسلامية في إيران. وفي مدينة برادفورد في بريطانيا جمع المسلمون نسخا منه كثيرة فأحرقوها. أنا الآن شاهد عيان لما جرى في إسلام آباد حين تجمهر المسلمون الباكستانيون الغاضبون بالشكل الذي لن تتوقعه المخابرات الدولية أمام المركز الثقافي الأمريكي، وبأشد اختصار: لولا وجود القوات الأمنية الباكستانية التي وقفت حاجزا منيعا في حماية الموقع لحدث ما لا تُحمد عُقباه (كان منظرا مهولا من الغضب الجماهيري). على ضوء ما جرى وفي شباط من عام 1989 أفتى الإمامُ الخميني العظيم – تقدست روحه الطاهرة – بهدر دم سلمان رشدي وخصّص جائزة مالية لمن ينفذ مضمون هذه الفتوى في أي زمان ومكان، عارفا أن هذا الكتاب ومؤلفه فتنة كبرى وقد خرجا من مطبخ المخابرات الدولية بذريعة حرية الرأي والعقيدة، وأن الغرض منهما هو إهانة الرسول الأكرم، والقرآن الكريم، وامتحان للمسلمين جميعا. الذي أربك عقول صنّاع هذه الفتنة في دول الغرب هو ما جاء من فقرة مضافة في فتوى الإمام يطلب فيها (تحليل) دم سلمان رشدي، كان المقصود منها التشكيك بأصله وأصوله مع أنه مسلم بالولادة، ومن مدينة بومباي الهندية وإسمه الحقيقي هو أحمد سلمان رشدي، لكن هذا الوغد لن يتشرف بهذا الإسم فأخفاه عن الرأي العام. كذلك هو من كتّاب الأدب والروايات الخيالية، وحصل على شهادات وامتيازات لمؤلفات كان قد كتبها ونشرها في لندن عاصمة إنجلترا. رشدي هو كاتب في عالم الخيال أكثر منه الى الواقعية كما ورد في أشهر راوياته (أطفال منتصف الليل). بهذه الصورة يتبين أن سلمان رشدي ليس مؤهلا للخوض في البحث القرآني الذي يحتاج الى ثقافة وفكر ومؤهلات علمية تسمح له خوض غمار التفسير والتأويل وعلم اللغة. فكل ما كتبه عبارة عن نصوص حقيرة كمثله يطغى عليها السب وتوجيه الإهانات حين يصف هذا النكره محمدا صلوات الله وسلامه عليه بقوله: ( مُخجِل، يشك في نفسه، مشكوكا فيه في بعض الأحيان). فالبحث في الآيات القرآنية تستدعي أيضا الواقعية في الطرح، وحضور المنطق، والإستدلال المعرفي الرصين وليس اللعب بعالم الخيال الغير متجانس، يغلبُ عليه السب وتوجيه الإهانات خارج حدود القيم الإلهية التي ثبتها الله في القرآن ( وإنَّك لعلى خُلق عظيم ). فلما كرّم اللهُ بني آدمَ على العالمين وَثّقَ هذه المكرُمة بحدود المنطق على أساس القدرة العقلية والذهن والتركيز التي اختلف بها عن جميع المخلوقات وليست بمحض خيال كونَ الإنسان يمتلك القدرة على تحمل وتجسيد تلك القيمة التي منحها الله له. ومن باب تفنيد أفكار هذا الرجل الذي يسهرمخمورا، ويرقص حتى منتصف الليل، ويأكل لحم الخنزير أنه يوجّه النقد لهذه القيمة القرآنية بشيء من الخيال ومن إختراع فكره وضميره. هكذا تحاول الدوائر المعادية للقرآن بأن تضع آياته على طاولة السخرية وليست التفنيد الأخلاقي والعلمي الواقعي. ومن عظمة وعدالة القرآن والتشريع الإسلامي أنه يُحرِّم على المسلم أية إهانة لأي نبي من أنبياء الله وقد تحصنوا بالعصمة. فالحكم على الجاني هو الإعدام دون تراجع ولا تأويل باستثناء المجنون، ولا فرق بتطبيق الحكم على الجاني لو مسّ بفعلته نبي الله إيراهيم الخليل، أو موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام لما لهم من أعلى درجات المنزلة عند الله وفضَّلهم على العالمين. تعلمنا نحن المسلمون أيضا من القرآن كيف نحترم ونكرم التوراة فهو كتاب الله، ومن بعده جاء الإنجيل المقدس. مقابل هذه القيم الأخلاقية العليا التي جاء بها القرآن لم يهتز للهندي سلمان ضميرا ولا للدوائر التي يرتبط بها محاولة منهم تقزيم الدين والأنبياء، ثم اجتازوا الخطوط الحمر حتى وصلوا الى عمل تصوير أفلام إباحية بإسم الكنيسة (نحن نجلها ونحترمها) والمسيح عليه السلام، هذا النبي الذي كرَّمه القرآن وأظهرَ معاجزَه حين كلَّمَ الناس وهو في المَهد صبيا. فالأمة التي تحمل قيم القرآن الكريم الذي هو كتاب الله لا ترتضي الإهانة من رجل يخفي إسمه (أحمد) على الناس إنكارا منه لنبيه، وتزلفا للمؤسسة الصهيونية العالمية، ولأنه درس في المدرسة التبشيرية كاتدرائية جون كونن في بومباي. فتوى الإمام الخميني العظيم لم تخمُد شرارتها، ولم تتبدل وتتهاون خلال الثلاثة ونصف من العقود المنصرمة رغم العروض التي قدمها هذا المجرم متوسلا أنه يتنازل عن كل أفكاره وكتابه ويستغفر مقابل إلغاء مضمون الفتوى التي تنص على إهدار دمه، وقد رفض الإمامُ هذا العّرض حتى القصاصَ منه، فعاش متخفيا لا يقوى على الخروج الى متنزّه أو زيارة صديق بمفرده أو بيسر وإن تحصَّن بحراسهِ الذين يرافقونه أينما يحل. في يوم الجمعه 12 من آب الجاري وردت الأخبار بتعرض كاتب –آيات شيطانية- لهجوم واعتداء عليه بشفرة حادة من قبل شاب عشريني من أصول لبنانية يسكن مدينة نيوجرسي حين كان حاضرا على المنصة بمركز ثقافي في تشوتوكوا شمال غرب مدينة نيويورك الأمريكية نُقل على أثرها مصابا بإصاباتٍ بالغة الى مستشفى قريب خضع فيه لجراحة طارئة، ووُضع على جهاز التنفس الإصطناعي بحسب تصريحات وكيل أعماله أندرو ويلي الذي أضاف الى أنه في وضع صحي سيىء وقد يفقد إحدى عينيه، كما يعاني قطعا في أعصاب ذراعه وأضرارا بالكبد. تمَّ إعتقال ذلك الشاب المهاجم من قبل الشرطة المتواجدة في نفس المكان وهو يخضع الآن للتحقيق الرسمي، ومهما كانت نتائج الحدث، صغُرَت أم كبرت إلا أن نجم الهندي سلمان رشدي قد انطفى وانطفت معه آياته الشيطانية إلى الأبد. أعود بك زميلي القارىء الى إسلام آباد لأكشف سرّا احتفظتُ به لنفسي دون غيري أود طرحه الآن على هذا الموقع الموقر حتى لا يفهمنا (المعنيون) أننا لا نفهم دقائق الأمور وأن الذكاء والحكمة من حصتهم دون غيرِهم، ثم أريد توضيح أهمية فتوى الإمام الخميني، وإلى أي حد بلغ أثرُها. حين صدرت الفتوى أخذت كل الدوائر الأخرى المعنية في العالم وفي الباكستان موقفا إحترازيا، وآخر عملي وواقعي. في حينها إختفى موظفان كانا يعملان في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين- فرع إسلام آباد هما: ( السيد رابي والسيدة روزلّا -الأسماء ليست حقيقية- التي تزوجت فيما بعد من باكستاني يدين بالبهائية أعتقد إسمه محمود-) وقد عادا الى العمل بعد شهر أو أكثر حتى هدأت الأوضاع وأمِنا على حالَيهِما مما يدل على أن عملهما الحقيقي شيىءٌ آخر وليست الوظيفة الإنسانية التي يتظاهران بها لمساعدة اللاجئين في الباكستان. هذان العنصران كان لهما الدور الكبير في حرماني من السفر وتعطيلي ستة سنين تقريبا في الباكستان كضوء أخضر لتصفيتي من قبل عناصر سفارة نظام صدام حسين بإسلام آباد.
قاسم محمد الكفائي/ كندا twitter…@QasimM1958

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط