بقلم : د. هيثم عبد الرحيم المياحي ..
بعيداً عن الخلافات السياسية وعدم الاتفاق والتوافق بعيداً عن الشيطان الذي دخل قلوب بعضكم وجعلكم في هذه الدوامة التي سوف تقود العراق الى مستقبل الا-دولة والذي يتوقعه بعض المتخصصين بالشأن العراقي السياسي والمجتمعي. اود ان اتطرق الى حال الشعب واتحدث بلسانهم واخص الفقراء المتعففين لا الاغنياء ولا التجار ولا المنافقين والفاسدين والمتملقين علكم تسمعون وترون كلماتي.
في صباح يوم موحش افاق صبي يتيم ليأكل ما توفر في سفرة الإفطار. فوجد امه تنظر اليه بعين الحزن والعطف والألم وكأنها تريد ان تقول ليتني اعطيك ما يأكل أبناء بيت الجار. ليتني أستطيع ان أرى وجهك الشاحب جوعاً مبتسماً مستقرا غير محتار. ليتني اشبعكم من جوع ولكن ليس بيدي الخيار. بني ان الاماني كثيرات وما اقصرهن في حكم الطغاة.
وهو ينظر اليها وقد فهم معاني وجهها وابتسم وكأنه أحس بمعاناتها والالم وقال لها باللهجة العراقية (يمه ترى انه مو جوعان خلي اختي تتريك) وترك السفرة الفارغة من ما عليها سوى خبزة تتحسر على ما فيها- خبزة ايبستها حرارة بيت يخلوا من كل ما يحتاجه للعيش اي انسان وبكرامة العزيز نفساً والساجد بكل ايمان. بيت لا غطاء يحميهم من حرارة الشمس ولا من برد وامطار الشتاء وعسر النفس. انه بيت الفقراء في وطن الأغنياء.
ومدت اخته يدها على الخبزة تريد قطعها نصفين فتكسرت بين يديها وسقطت على الارض اجزاءها متناثرين. فصمتت خوفاً من أمها والام صمتت حزناً على حالهم. ولكن بهدوء الصمت ووجع البنت صرخت خبزة اليتامى قائلة ” يـــــــارب اما يؤلمك بطونهم الفارغة اما يوجعك حسرة قلب امهم الصابرة اما يهز عرشك طفلاً يترك سفرة فيها خبزة متيبسة كي تأكلها اخته الجائعة يأرب كيف لك ان تصبر على طغاة سرقوا مال اليتيم حرموا شعبهم وتركوه في جحيم يأرب لولا عبادتي لك وعلمي بعدالتك لكفرت جوعاً على جوعهم وحزناً على حزنهم فاحكم بعدلك لهم”
وقفت امهم باكية على حالهم متحسرة على عسرة رزقهم وقلة مالهم ورفعت يداها المتشققة من خدمة الناس وقالت بصوت عالي ” يأرب قد أنهكت وتعبت والله قلوب اطفالي الصغيرة تعذبت يأرب بجلي قدرك وقوة حكمك ارحم عيالي فهم صغار لا ذنب لهم بأن يناموا جياعاً ويصحوا دون إفطار يأرب خذ روحي هبة فقد جعت ذلاً وحرمان واتركهم يعيشوا برزقً منك بدلاً من حاجة الناس والحرمان.
ووجهك الكريم لا أستطيع ان أرى وجوههم المعاتبة يأرب خذ منيتك فلا عيش لي واستجابتك لي ولهم غائبة. كيف لي ان أعيش معهم فقراً وجاري متخوماً من المال كيف لي ان استجدي شهرياً للمسكن لوعة الايجار كيف لي ان اتحمل بكاءهم في العيد دون ملبساً وفرحة والأطفال من حولهم يتطايرون مرحاً يصرفون بذخاً يأرب انت تعلم ذلة الدين ووقفة الديان انت تعلم وجع المراءة عوزاً بهذا الزمان يأرب انت من قلت فأما اليتيم فلا تقهر فكيف ترضى ببطونهم من قلة الزاد ليلها تسهر يأرب ان كانت خبزة اليتامى قد كفرت بك جوعاً فانا كل يوم أعيش وجع الخبزة ولوعة الحسرة وذنب الكفرة.
يا من ملكت مالاً وحالاً واكتنزت من الفضة والذهب
هل تعلم بانك تبني لغيرك قصوراً واليك قبرً ونار من الحطب
فتمهل قليلاً وفكر مال الدنيا لها باق ومال الاخرة حسنات بالكتب
امسح دمعة يتيم وقبل يدا فقير ترتقي امام الناس بحسن طيب وبالأدب
فما لك من دنياك الا صراعها وفي الاخرة ما تيسره من عسر الكرب
” للكاتب”
رسالة من خيال الكاتب ترسم صورة ملايين من العوائل المتعففة ومعاناتهم يومياً هي صرخة بوجه الفاسدين والسارقين هي حروف ذات معاني علها تصل الى عقولهم بدون استئذاني هي لوعة كل ام تعيش هذه اللحظات معتصرة وكل يتيم يتضور جوعاً في بيته الخاوي من كل مستلزمات الراحة والعيش الطبيعي. ونحن في وطن يطفوا على مليارات من الدولارات وكل يوم تعقد فيه المئات من الصفقات ونرى الرفاهية والبذخ والسفر ويقابلها ذلة وجوع وقهر وعسر حال. اتقوا الله فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. اما تخشون يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الا تخافون الوقوف امام رب العالمين اما شبعت بطونكم وهل عميت عيونكم اما ترون من حولكم مدن تعج بالفقراء واليتامى والعوز والجوع. ان الحياة قصيرة فاتقوا رب عادل بحكمه لا يغفر لكم تعس افعالكم وظلمكم. ان محافظات العراق الجنوبية والوسطى مازالت تعاني وتفتقد للخدمات وسبل العيش الطبيعية.
اخيــــراً قبل ان تأكلوا الخبز يومياً تذكروا ان هناك ملايين من اليتامى والفقراء خبزتهم تكفر جوعـــــــــاً.
لا تكسراً قلب قد كسره اليتم جبـــرا
وقبل جبينه ايماناً ولا تعسر عليه كفرا
فما اجمل الرحمة في القلوب حب ويسرا
والتكبر ذنب نتاجه قلة الرزق والعســـرا
” الكاتب”
شكراً للمرجعية العليا في النجف الاشرف والعتبات لما يقدموه للأيتام والمتعففين وشكراً لكل من شارك في تبني ودعم مشروع نتاجه حمايتهم من الانجراف والانحراف في عالم اسود مخيف مليء بالمطبات والصعوبات. شكراً لكل قلب يدق حباً للوطن وشكراً لكل شخص قبل ان يملئ بطنه يفكر بجاره ومن حوله وشكرا لمن كسى اليتامى والفقراء قبل العيد وقبل بدء العام الدراسي فوالله لا نعمة أفضل من رسم ابتسامة على وجوه هؤلاء اما عند الله فالجزاء عظيم