بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
يطلق المتخلفون أحكامهم الظالمة ضد معظم الشعوب والأمم، وذلك على الرغم من تفوقها في المعيار الإنساني والحضاري. وما أكثر المصطلحات الدخيلة على اللغة المحكية في عموم بلدان الشرق الأوسط، فالجيد عندهم (أصلي)، والرديئ (تايوان). .
ربما كانت الصناعات التايوانية رديئة في القرن الماضي، لا ادري، لكن تايوان اليوم واحدة من الدول الرائدة في تصنيع مُنتجات الكمبيوتر، والحواسيب، والمنظومات الذكية، وتتميّز بتعدد صناعاتها مثل: صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وصناعة الإلكترونيات، وتكرير النفط (رغم انها تستورد النفط الخام)، وتتميز أيضا بصناعة المواد الكيميائية، والأسلحة، وتجهيز الأغذية، والمنسوجات. ولديها قصة تحول اقتصادي مذهلة، يمكن أن تتعلم منها العديد من البلدان النامية الكثير من الدروس. فقد استطاعت هذه الدويلة الصغيرة أن تحول نفسها من بلد فقير متلق للمعونات، يتعرض لمضايقات من جانب جارته القوية (الصين) إلى قوة اقتصادية صناعية هائلة ومتطورة. .
فمساحة تايوان تساوي (36,197 كم²)، وهذا يعني انها أكبر من مساحة محافظة البصرة مرتين تقريباً (مساحة البصرة تساوي (19,070 كم²)، لكن جزيرة تايوان ذات الموارد الطبيعية المحدودة جداً لا تمتلك النفط والغاز الذي تمتلكه البصرة، بينما يصل تعداد نفوس تايوان إلى ستة أضعاف نفوس البصرة (نفوس تايوان 24 مليون نسمة). وعلى الرغم من هذه الفوارق الكبيرة تعتبر تايوان اليوم مثالاً يحتذى به بين دول العالم، حيث اعتمدت في نهضتها على التعليم والتدريب المهني والتقني، ونجحت في توفير الظروف المناسبة لتحقيق نهضتها الاقتصادية الكبيرة. .
بدأت تايوان بتحويل أرباح الزراعة من أجل تطوير قطاع الصناعة، ودخلت مرحلة أخرى اعتمدت فيها على التكنولوجيا، ثم لجأت إلى عمليات التحديث في مجال الصناعة، وتمكنت من إنتاج 70 % من أجهزة الحواسيب حول العالم، وشهدت تطوراً لافتاً في جميع المجالات، وتمتلك رابع أفضل احتياطي مالي في العالم. .
هذه تايوان التي ظلت تمثل علامة فارقة من علامات التخلف في قاموس المتخلفين، الذين يأكلون مما لا يزرعون، ويلبسون ما لا ينسجون. . .