بقلم: كاظم فنجان الحمامي ..
اغرب ما شاهدته ليلاً، قبل بضعة أيام، في الطريق السريع الرابط بين مدينة (دبي) و (ابو ظبي) والذي يبلغ طوله 138 كم تقريباً، انه يتألف من ثمان حارات، فتذكرت وزير النقل (ابو ضحكة جنان) الذي سألوه ذات يوم عن هذا النوع من الطرق الواسعة، فسقط مغشيا عليه من فرط الضحك، ذلك لأن هذا وأمثاله لم يسمعوا بالطرق المعاصرة، التي اختزلت الوقت والمسافات بين المدن الرئيسة في الخليج، وربطتها بالساحل الشرقي مع الموانئ وسائر المدن. وبات واضحا ان الإمارات لم ولن تتوقف عند حد معين، مع توجهات حكومتها الاتحادية نحو تفعيل مشاريع إعادة تأهيل الطرق وصيانتها وتأثيثها بالرادارات والمراصد الحساسة. .
لذا يسرني هنا ان اسجل ملاحظاتي ومقارنتها مع طرقنا المتشققه المتموجة المتعرجة، الخالية تماماً من الإشارات المرورية والإرشادية، حيث يلفها الظلام الدامس، وتتخللها السيطرات المتخصصة بالتفتيش وأخذ البقشيش عيني عينك. .
فالطريق من (دبي) إلى (أبو ظبي) محدد بأسيجة أمنية، ودعامات فولاذية منيعة، تتخلله خطوط طولية وعرضية عاكسة للضوء، شديدة اللمعان، بيضاء وملونه تسر الناظرين. .
وهذا الطريق تنيره أعمدة شاهقة، فوق كل عمود أربعة كشافات ضوئية عالية التوهج، لن تجد فيها مصباحاً معطوباً، كلها تعمل ومن دون ان تنقطع عنها الكهرباء، بينما وضعوا العلامات والإشارات التحذيرية والتوضيحية في اماكنها الصحيحة، بأحجام وألوان متباينة، لكل منها دلالته وفائدته، وللسرعة هنا حدودها ونظامها وقواعدها وغراماتها حيث تتحرك المركبات بانسيابية تامة. . .
للعربات الصغيرة حاراتها، و للكبيرة مجالاتها، ويتعين عليها الالتزام بالنظام، من دون تدخل اية مفرزة من مفارز المرور، فالسيارات كلها تحت المراقبة الالكترونية الصارمة، والويل كل الويل لمن يرتكب المخالفات. .
اما المحطات والاستراحات والورش الخدمية فقد ابتعدت خارج الطريق بمسافة لا تقل عن 500 متراً، حيث يمكنك الوصول اليها عبر مداخل خاصة، ولجسور المشاة حكاية لا تخطر على البال بانوارها الباعثة على الفرح . .
اللافت للنظر ان التقاطعات لا وجود لها في الطرق الخارجية، ولا وجود للسيطرات التفتيشية، حتى سيارات الشرطة المنتشرة في كل مكان تؤدي واجباتها بلا ضجيج، وبلا صفارات صاخبة، وبلا نشرات ضوئية. فتراها تتحرك بحذر شديد حتى لا تتسبب بالإزعاج. .
ولن تجد في هذه الطرق أكواخ عشوائية لبيع الأغنام، ولا قطعان من العجول والابقار ترعى في الجزرات الوسطية، ولا أكشاك لبيع البطيخ على السكين، ولن ترى سائقا يرمي قناني المياه الفارغة من نوافذ سيارته، فالطرق الخارجية الاماراتية مصممة بأرقى معايير النظافة والأناقة، وبأعلى المواصفات الهندسية المواكبة لأحدث التقنيات واللمسات الخدمية. .
في العام الماضي تعرض ابناء اخي (حامد وفريد) لحادث مؤسف اثناء عودتهما ليلا من الناصرية إلى البصرة، حيث اصطدمت سيارتهما بكومة من الرمال، ألقتها شاحنة على قارعة الطريق ولاذت بالفرار، فتسببت في موتهما في الحال بعد انقلاب سيارتهما. .
اما سيطرة (السدرة) الواقعة على مشارف البصرة، فصارت مضرب الأمثال في التعطيل والتأخير والمساومة. .
ارحموا العراق يرحمكم الله . . .