بقلم: كاظم فنجان الحمامي …
لسنا بصدد تصفح كتاب (وفيات الأعيان) لمؤلفه ابن خلكان، ولا بصدد تلخيص كتاب (أزهار البستان في طبقات الأعيان) لمؤلفه ابن عجيبة. فقد ظهرت عندنا طبقة جديدة يطلق عليها عامة الناس (طبقة العينتين) أو (العينتيني) التي تختلف اختلافا جذريا عن طبقة مجلس الاعيان للمدة (1921-1958). .
فالطبقة الجديدة لا تسري عليهم الضوابط الإدارية النافذة، ولا احد يدقق بشهاداتهم، فشهاداتهم مصدقة 100% حتى لو أقسمت وزارة التعليم بأغلظ الإيمان على بطلانها، ويحق للعينتين التهجم على الناس كيفما يشاؤون وحيثما يرغبون، وغير مسموح بانتقادهم، أو المساس بمقاماتهم العالية. .
ليس بالضرورة ان يكونوا مدعومين عشائريا أو طائفيا أو عرقياً، فقوتهم مستمدة من دعم الاحزاب التي ينتمون إليها، فهي التي توفر لهم الحصانة المطلقة، والمكانة المرموقة. .
ربما يرتكب أحدهم خطئا فادحاً، وقد يتحول ذلك الخطأ إلى فضيحة تتحدث عنها الفضائيات، لكنها ستتحدث لسويعات فقط ثم تصمت إلى الأبد، وما هي إلا بضعة أيام حتى تغلق الملفات كلها، ثم تُحذف المقاطع المصورة من كل المواقع. .
هنالك فروقات شاسعة بينهم وبين الأعيان في قديم الزمان، فهم مدللون ومتحررون من الضوابط والتعليمات، ويعملون فوق الشكوك والشبهات، ويتلقون دعماً وتأييدا من الكيانات السياسية المتنفذة. وغير مسموح بالإساءة اليهم ولو بنصف كلمة. .
فسادهم مقبول، وأخطاءهم مغفورة، هفواتهم حسنات، وعثراتهم بركات. فشلهم نجاح، وإهمالهم كفاح. يذود بالدفاع عنهم مسلحون واشقياء، غير مسموح بالاقتراب منهم أو إزعاجهم أو التشهير بهم. .
أحيانا يظهرون علينا عبر تصريحاتهم النارية، يهددون ويتوعدون، ويطلقون الاتهامات جزافا من دون ان يحاسبهم احد. واحياناً يمثلون ظاهرة صوتية مرعبة، ولهم قدرات خارقة على تلفيق الاكاذيب وتسويقها عبر مواقعهم المتخصصة بالتسقيط والتحريض. .
تجدهم في كل مكان، ولهم مجالس ودواوين ومقار ومكاتب معروفة. .
ارحموا العراق يرحمكم الله