بقلم: د. كمال فتاح حيدر …
كرست الحكومات جهودها في كل القارات لتقديم أفضل إجراءات الدعم والرعاية للمتقاعدين، والعناية بهم، والاهتمام بشؤونهم، فالذين احيلوا قسرا إلى التقاعد وهم في أوج عطائهم، يتعرضون منذ مدة للتعقيدات المرهقة، ويواجهون سوء التعامل. .
كانوا يطمحون بالتسهيلات الإدارية تثميناً لجهودنهم الماضية، لكنهم ينتظرون دورهم اليوم في طوابير طويلة لمتابعة معاملاتهم في القطاعات الحكومية، ولا يجدون من يرفع عنهم مشقة الانتظار لساعات طويلة بين الدوائر والمكاتب. فاضطروا للاستعانة بالمعقبين، الذين يجيدون أداء دور الوسيط بين المتقاعدين والدوائر ذات العلاقة. وذلك مقابل مبالغ يدفعونها صاغرين لهم، فظهرت لدينا طبقة نفعية متطفلة، وظيفتها استغلال ظروف المتقاعدين، ثم توسعت شريحة المعقبين بالطول والعرض على حساب معاناة الناس. .
لا شك ان هذه الشريحة الانتهازية لم تكن لتظهر بهذا الشكل لو كانت امور المتقاعدين على ما يرام، وهي في حقيقتها وصمة عار بوجه المؤسسات الخدمية، التي تنصلت عن واجباتها الاساسية، وتفننت في تعذيب المتقاعدين. .
لا يجد المتقاعدون أي تأمين صحي بعد التقاعد، ولا قروضا تمويلية، ولا خصومات تناسب رواتبهم التقاعدية لكي تعينهم على قضاء احتياجاتهم، اخذين بعين الاعتبار أن الجهات التمويلية تحدد التمويل إلى سن الستين فقط، مما يجعل الأقساط عالية وقيمة القروض ضئيلة، وليس فيها أية تسهيلات للمتقاعد. .
لم يصل الموظف إلى سن التقاعد إلا بعد أن أفنى سنوات طويلة من عمره في معترك الحياة، وفي الخدمة ليكسب قوت يومه، ويكون عضواً فعالاً ومنتجاً، معمراً للأرض خادماً لوطنه وللأجيال القادمة من بعده، الجيل الذي تتلمذ على أيدي أولئك المتقاعدين في كل المهن والمجالات، ويجب أن يعي الجميع أن عمارة الأرض والتقدم العلمي والعملي ما هو إلا مسألة تراكمية، فالمعرفة تبنيها الأجيال تلو الأجيال. .
فارحموا المتقاعدين يرحمكم الله. .