بقلم: كمال فتاح حيدر ..
في عام 1873 كتب (جول فيرن) رواية حملت عنوان: (حول العالم في ثمانين يوماً). بطلها ثري إنجليزي اسمه: (فيلياس فوج)، وكان معروفاً بنظامه الثابت واحترامه للوقت، وفي يوم من الأيام دخل في رهان مع اصدقاءه عن قدراته على الترحال حول العالم في 80 يوماً فقط، وذلك لكسب رهان بقيمة 20,000£ جنيه استرليني. .
كانت تلك رواية من نسج الخيال، أما اليوم فبإمكان أي إنسان القيام بجولة مجانية يحلق فيها حول كوكب الأرض في غضون 90 دقيقة وهو جالس في بيته. فقد سخرت وكالة ناسا للفضاء خدمة رائعة لتتبع مسارات محطتها الفضائية ISS، بمجرد تفعيل البث الحي عبر اليوتيوب أو عبر الشبكة الدولية، حيث توفر لك نافذة لرؤية كوكب الأرض ببحاره ومحيطاته وقاراته من ارتفاع 420 كيلومترا، وبسرعة تقارب 27597 كم / ساعة. وتظهر لك على الشاشة احداثيات المواقع بخطوط الطول والعرض، مع بيان الزمن بالتوقيت العالمي، وتظهر أيضاً على الشاشة نافذة صغيرة تبين خارطة العالم والمسار الذي تسلكه المحطة الفضائية الآن. .
تدور المحطة حول كوكب الأرض بمعدل 15 مرة تقريبا كل يوم، في حين يجري البث الحي والمباشر لكوكب الأرض من عدة كاميرات مثبة على المحطة. واحدة للأمام وواحدة للأسفل وواحدة للخلف. فاذا اسودت الشاشة فهذا يعني أن المركبة أصبحت فوق المناطق التي يسودها ظلام الليل حيث يتعذر عليك رؤية المناطق. وفي بعض الأحيان تكون المحطة ظاهرة في الظلام، وهذا يعني أن الشمس ظاهرة من المحطة لأنها مرتفعة. وأحياناً ترى صورة مذهلة للغروب أو الشروق، وتظهر لك توضيحات مكتوبة باللون الأبيض عند الانتقال من كاميرا لأخرى ثم تختفي، وقد تعني انقطاع الاتصال مع المحطة وهذا قد يدوم من 5 إلى 10 دقيقة. .
انا شخصيا أجد متعة كبيرة في مشاهدة هذا الكون الفسيح بمحتوياته بابعاده العميقة، ومجرَّاته وكواكبه وأجرامه السماوية المتباينة في ألوانها ولمعانها. ولعل جولات هذه المحطة زادتنا تأملاً في خلق السماوات والأرض، وفي الفضاء العامر بمليارات الكواكب والنجوم والمجرات السابحة في الكون. .
لقد نجح الإنسان فى اكتشاف الكون، و لكنه عجز أن يكتشف نفسه. . .