بقلم: كمال فتاح حيدر ..
اتسعت دائرة التستر والتغافل والتجاهل، واشترك فيها النواب والوزراء والوكلاء والمدراء، حتى صارت من الممارسات المعلنة في أروقة السلطات التنفيذية، ثم أصبحت من الأدوات الاعلامية المدعومة بقوة من الفاشلين والمقصرين، وتحولت هذه الظاهرة إلى عادة يومية يمارسها معظم الموظفين العاملين في المؤسسات المترهلة وظيفياً. .
انت تكتب وتحتج وتعترض وتستنكر، ولكن لا احد يسمعك، ذلك لأنهم اتفقوا على التعتيم. وأوصدوا أبوابهم، وما اكثر الاخفاقات والعثرات والانتهاكات التعاقدية التي جرى تشخيصها من قبل الجهات الرقابية والمنظمات النقابية، فيثور لها الناس، ويتفاعلوا من اجلها، ثم يتحول الأمر الى فضيحة تتحدث عنها الصحف والفضائيات، لكنها تلوذ فجأة بالصمت، وكأن شيئا لم يكن، ويبقى الحال على ما هو عليه بتوجيه من القوى الغارقة في مستنقعات السوء. .
مدراء بلا مروءة، وبلا خبرة، وبلا شهادة، وربما بشهادات مزورة أو غير معترف بها، وأخطاء يومية تُرتكب على رؤوس الاشهاد، وعقود باطلة تُبرم هنا وهناك، وأساليب بوليسية تخنق أصوات المعترضين والمشككين. ومضخات اعلامية ممولة تؤازر الباطل، وتقلب الحقائق. ومخالب خفية تتحرك خلسة لتمرير الصفقات المريبة، ودكاكين نفعية تعمل ليل نهار للاستحواذ على مواردنا الوطنية بطرق ملتوية، في الوقت الذي تتعالى فيه شعاراتهم بالإصلاح . .
ولن تجد أزاء هذا السيرك الصاخب من ينصفك ويقف معك، ويمد يده لإنقاذ البلاد والعباد من هذا البلاء المستشري في كل مكان. .
هؤلاء ومن يتستر عليهم، والذين يتعاطفون معهم، ويخشون جرح مشاعرهم الرقيقة ومشاعر جماعتهم وقبيلتهم ومعارفهم هم متساون في الجريمة، لا فرق بينهم، وكأن هؤلاء يقولون لصاحب الجاه والمنصب أسرق واختلس وبعثر الأموال العامة كما تشاء فأنت محمي بالمنصب والمكانة الاجتماعية، ولن يشهر بك وإن قدمت للمحاكمة فإنَّ ذلك سوف يكون في السر فنحن نخشى على سمعتك الناصعة وسمعة عائلتك المصونة ذات الحسب والنسب الرفيع. .
ولا حول ولا قوة الا بالله