بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
دخلت هذه المقولة الشعبية في سياق ردود الافعال الشائعة لتوصيف الرجال الذين سقطوا في حلبات التناحر السياسي، أو الذين تعمدت مضخات الإعلام إسقاطهم بالضربات التلفيقية القاضية، وجرفت في طريقها الذين تمت الإطاحة بهم على يد أقرب المقربين إليهم في التنظيم، الذي ينتمون إليه . ولسان حاله يقول:-
أضاعوني وأيَّ فتًى أضاعوا
ليوم كريهةٍ وسِدادِ ثـَغْـر
وصبرٍ عند معترَك المنـايا
وقد شرعت أسنَّتُها بنَحري
فقد صار الجحود والخذلان من مفردات القواميس السياسية. خصوصا عندما تأتي الطعنات من الفئة التي تعمل معها وتخلص إليها. والمحزن في هذه المشاهد المتكررة في السيرك السياسي هو انصهار المبادئ، وانقلابها رأساً على عقب. فلربما يصبح نجاح المرء وتفوقه في عيون الناس وبالاً عليه، فتنهال عليه الوخزات والطعنات بقصد استبعاده والتخلص منه في أقرب فرصة. .
اذكر ان احد السياسيين من خارج محافظة بغداد حقق نجاحات منقطعة النظير في المواقع الإدارية التي أوكلت إليه في بغداد، وفاز في انتخابات الدورة النيابية الرابعة بأصوات وأرقام فلكية. لكنه وجد نفسه مغرداً خارج السرب. وذلك على الرغم من استقامته وشعبيته وجماهيريته. .
وأعرف بعض السياسيين المعتدلين ظلت تطاردهم طوربيدات التسقيط حتى بعد إحالتهم إلى التقاعد. خصوصا بعدما تلقوا أعنف الضربات الصاروخية من كل الجبهات، لأنهم كانوا يعملون بلا غطاء، وبلا حماية، وبلا حاضنة سياسية تذود عنهم. .
قالت العرب في عصرها الجاهلي: إنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. ثم جاء الاسلام فقال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. .
ثم جاءت الاحزاب العراقية المتكاثرة هذه الأيام لتطرح فكرة (الطايح رايح). وفكرة (الرايح ضايع). فعادت بنا عجلة الزمن إلى الكوابيس التي شهدنا فيها أبشع صور الأنانية، وأسوأ صور الانتهازية. اما أغرب ما سمعته قبل بضعة أيام فهي نظرية : (البايد يگوم)، والبايد هنا يعني (البائد) بسبب التقادم وتراكم الصدأ، اما مفردة (يگوم) فتعني. ينهار من التلف، أو يسقط ذاتياً بمرور الزمن. .
ختاما نقول: اذا كان الإلحاد خراب الروح، فإن السياسة خراب الأخلاق. . . وعيش وشوف. . .