بقلم: هادي جلو مرعي ..
يمكن للإبتكار والتفكير الجدي، والإبتعاد عن الإستثمار في الأزمات والمشاكل أن يوفر فرصا وضمانات لتطوير واقع الإقتصاد والإلتفات الى حاجات الشعوب، وليس إشغالها بالمشاكل والإنشائيات والدعايات غير المجدية، ولأن العراق مر بتجربة صعبة خلال العقدين الماضيين على مستوى الأمن والإقتصاد والعلاقات بين المكونات والعلاقات مع الخارج فإن الوقت قد حان لتغيير النهج والمسار ، والشروع بمرحلة جديدة من التفاني في خدمة الناس الذين يكابدون المعاناة، ويصبرون بإنتظار تحقيق تطلعاتهم واحلامهم التي هي جزء من حياتهم ووجودهم، ولولا تلك الاحلام لما عاش الإنسان، وواصل حياته، وتحمل الٱلام والمخاطر.
سئلت لماذا حققت كردستان خطوات جيدة في ملفات عمرانية وإقتصادية، وصارت قبلة للسياحة والسكن والعمل، وتتطلع دول للتواصل معها، بينما مايزال المركز في أول الطريق، وبرغم صعوبة السؤال لكن جوابه ليس بالصعب، وبإعتبار أن الإجابة لاتعني الدفاع عن بغداد، ولا المدح بأربيل، بل شرح لطبيعة الظروف التي أحاطت بالمركز وعطلته، وبالإقليم وأسهمت في نجاحه، وأهم ذلك عامل الزمن الذي أفضى الى تجاوز الأزمات، والتفكير في الإستثمار في قطاعات المال والأعمال وبناء المجمعات السكنية وفتح المزيد من الطرق والمصانع والبحث عن فرص أكبر للتعاون مع دول أخرى حتى صارت الوفود التي تزور بغداد تعرج على أربيل، وهي تجربة متقدمة وجيدة تختلف عن تجربة المركز والإقليم في دول مجاورة للعراق يتخذ الكرد فيها السلاح والمقاومة السياسية سبيلا للوصول الى الغايات، بينما أفضت الظروف الإيجابية الى تشكيل كيان سياسي متوازن في كردستان العراق حيث نال الإقليم الثقة في التعاطي مع الملفات الإقتصادية والأمنية في فترة متفردة ومنذ العام 1991 بينما عاشت بغداد في ظل حصار صعب حتى العام 2003 الأمر الذي سبب تأخرا في الوصول الى مستوى من القدرة على ترتيب الأولويات، وتنفيذ برامج وخطط عمل منظمة خاصة في مجال البنى التحتية.
شاهدت من أيام فيلما وثائقيا قصيرا عن تنمية قطاع الزراعة، وتحديدا زراعة أشجار الرمان في مناطق عدة من الإقليم في وصف يقترب معنويا من توصيف طريق الحرير، وفي إشارة الى ذلك سمي طريق الرمان الذي مثل حافزا إقتصاديا مهما لجودة المنتج، ووصوله الى أسواق دول عدة من بينها الإمارات العربية المتحدة، وبالطبع فهذا يمثل نوعا من التنوع في الإقتصاد، حيث توجد العديد من المشاريع الإنتاجية التي تعتمد على الموارد الطبيعية في كردستان، وهي كثيرة، ويدفع الى النجاح في ذلك وجود رؤية وقيادة مركزية غير مشتتة، ولديها تصور عن المراحل المقبلة، ونوع القرارات التي تحتاج، خاصة وإنها إرتبطت بكاريزما البرزاني وقوة الشخصية والحسم في المواقف الصعبة، فتعدد مراكز القوة والقرار يضعف الدولة ويصعب مهمة الحاكم وهي مشكلة بغداد تحديدا ويمكن إستلهام التجربة الناجحة والعمل عليها من خلال شراكة مستدامة تنتج الحلول وتبتعد بنا عن المشاكل، وتسد الطريق على المتاجرين بالأزمات والذين يعتاشون عليها.