بقلم: هادي جلو مرعي ..
لايليق بالعاصمة بغداد أن يكون الطريق الذي يصلها بأربيل سيئا لهذه الدرجة، وليس مقبولا أن تكون مداخل بغداد من جهاتها الأربع بهذا السوء، وربما يكون ذلك سببا في غضب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي جمع مسؤولين في حكومته، وإدارات تنفيذية في العاصمة، ووجه بالعمل على بذل جهود مضاعفة لتغيير الحال الذي تعوده الناس، وأنفوا منه لتلك المداخل، ووجه بالتواصل مع القيادات الأمنية لإزالة كل مايعترض سبيل الشركات المكلفة بالعمل على مدار الساعة، ودون توقف، فمداخل المدن، والطرق السريعة الواصلة بين مدن البلاد سبب في تنشيط التجارة والإقتصاد، ونقل البضائع والمسافرين بيسر، وكذلك السياحة. فملايين المواطنين من جنوب العراق ووسطه ومدن أخرى يتوجهون عبر الطرق البرية الى مدن إقليم كردستان، والمواقع الترفيهية والسياحية فيها، حيث تنعم بكل مايوفر أجواء الراحة والإستجمام، ومع عودة الأمن الى بغداد، وبقية المدن التي كانت تعاني من العنف والنهوض بالبنى التحتية، وخاصة في العاصمة وفي البصرة يمكن أن نرى توجه السياح من كردستان الى بغداد مايؤدي الى سياحة بينية تعود بالنفع على الإقتصاد المحلي.
التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها العلاقة بين المركز والإقليم، وفي معظمها إيجابية يمكن أن توفر ضمانات نجاح في قطاعات شتى، وبالتعاون والشراكة المستديمة خاصة مع التأكيد المتبادل على حل المشاكل العالقة، والتحضير لإتفاقات تمهد لتشريع قوانين تتعلق بالنفط والغاز، وإدارة المنافذ الحدودية، والمناطق المشتركة والموارد، ومع ما صدر عن الإقليم من مواقف مكنت من تسريع التشكيل الحكومي. حيث كانت قنوات التواصل المفتوحة، والوفود المتبادلة والنقاشات وفق ٱليات تعتمد الحوار الموضوعي سببا في تقريب وجهات النظر في القضايا محل الخلاف، ويمكن تلمس ذلك من الموقف الذي أبداه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني من تشكيل حكومة السيد السوداني التي حققت خطوات متقدمة، وإشارات عالية الإيجابية سواء في الأمور المتعلقة بالخدمات العامة، والمشاريع الإستراتيجية الكبرى والهدوء الذي طبع المشهد السياسي، فبينما يحتدم الجدل في البرلمان حول الموازنة وقانون الإنتخابات والتعديلات التي أجريت عليه، والإستجوابات التي يقدمها نواب في قضايا تتعلق بمؤسسات الدولة، لم تلتفت الحكومة الى تلك المشاكل بوصفها معرقلات، بل كان العمل مستمرا ويشير الى نوايا صادقة في التغيير والنجاح في تقديم الخدمات، والتواصل مع الخارج، وتعزيز العلاقات مع دول عربية وإقليمية، والتوقيع مع شركات عملاقة لتحسين واقع الطاقة الكهربائية، وبناء مصانع تلبي حاجات القطاع الصحي، وتطوير الحقول النفطية والموانيء.
يمكن القول إن من أهم عوامل الإستقرار هو الإنفتاح على بعض حيث تمت رعاية المفاوضات بين بغداد وأربيل بحكمة وهدوء، وإنفتاح إيجابي بين الجانبين، ونقاش هاديء بدلا من العصف الإعلامي والترويج لأفكار تساعد في التأزيم، وعدم الإستماع لصوت الفتنة التي يعمل عليها البعض، والذين يريدون تأكيد حضورهم من خلال ذلك، وربما كان السبب تعودهم خلال العشرين سنة الماضية على خداع الجمهور، وشراء أصوات البسطاء للحصول على مكاسب إنتخابية، وحين ينقشع الضباب عن طريق بغداد أربيل تكون سبل الحل واضحة، والدفء يعم المكان.