بقلم: أياد السماوي ..
في مثل هذا اليوم الخالد من عمر الدولة العراقية الحديثة وفي صبيحة التاسع من نيسان الأغر ، كان الشعب العراقي على موعد مع سقوط الصنم في ساحة الفردوس بواسطة القوات الأمريكية الغازية ونهاية حقبة البعث المظلمة .. في مثل هذا اليوم الأغر سقطت الديكتاتورية وانتهى حكم أعتى دكتاتور مجرم تسلّم الحكم في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام ١٩٢١ .. في مثل هذا اليوم ولّت وإلى الأبد دولة العفالقة الصداميين ورحل أزلام صدام ونظامه المجرم .. في مثل هذا اليوم الخالد اكتحلت عيون الأمهات والأرامل والأخوات اللواتي فقدن أبنائهنّ وأزواجهنّ وأخوانهنّ في زنزانات التعذيب وأقبية الموت الصدامية ، وفي مثل هذا اليوم انتهت دولة القتل والإبادة والمقابر الجماعية لتبدأ دولة الفساد والنهب للمال العام ودولة العصابات المسلّحة في العراق ..
لم يكن لأحد منّا نحن الذين عاصرنا نظام البعث المجرم واكتوينا بنار الديكتاتورية ، أن يتصوّر أنّ زوال أعتى نظام ديكتاتوري عرفته الخليقة في عصرها الحديث سيكون سببا لنشوء أفسد نظام سياسي مرّ على العراق وشعبه ، ولم يكن لأحد منّا أن يتصوّر أنّ النظام الديمقراطي الذي كنّا نتطلع له سيأتي لنا بنظام المحاصصات القومية والطائفية والحزبية الذي أرسى قواعد الفساد في العراق ، ولم يكن لأحد منّا أن أن يخطر على باله أنّ النظام الفيدرالي الذي كنّا نناضل من أجله سيتحوّل إلى دولة فاسدة داخل الدولة الأم الفاسدة .. ولم يجري في خلدنا أنّ عصابات متطرفة ومتخلفة فكريّا ودينيا ومذهبيا ستزرع الخوف والموت في كل ركن وكل زقاق في بلدنا وستمارس القتل في الشوارع على الهوية .. ولم يكن لأحد منّا أيضا أن يتصوّر أنّ الآلاف من أزلام النظام الديكتاتوري السابق سينفذون من خلال تنظيمات أحزاب المعارضة ، الدينية منها واللا دينية إلى مراكز الدولة العليا .. ولم يكن لأحد منّا أن يتخيّل أنّ أمريكا المحرّرة صاحبة شعارات حقوق الإنسان ستتخلى عن مبادئها وتأتي بالاحتلال البغيض للعراق ..
ومع كلّ هذه الآلام والمآسي ولأول مرّة بعد عشرون عاما من سقوط الديكتاتورية ، ينهض من بين هذا الركام واحدا من أبناء هذا البلد الذين عاشوا مأساة العراق زمن الديكتاتورية ، ليشمرّ عن ساعديه وليعلن للعراقيين انتهاء عصر الفساد وعصر اللا دولة ، ويبدأ مسيرة الإصلاح والبناء والتقدم ، ويعيد اللحمة للنسيج الاجتماعي العراقي الذي مزّقته الطائفية البغيضة .. ومع بداية حكم هذا الشروگي القادم من عمق المأساة ، عاد لنا
الأمل جميعا أنّ فجرا جديدا قد بدأ في العراق ، فجرا سيفجر الطاقات ويضع الحجر الأساس لدولة المؤسسات ودولة القانون ودولة اللا فساد ودولة العدل والإنصاف ودولة الفقراء والمحرومين .. فجرا سينهي أحلام البعثيين الأوغاد في العودة لحكم العراق مجددا ، فجرا سيعيش فيه العراقيون في بحبوحة من الأمن والعيش الرغيد وضمان المستقبل ..
عاش العراق شعبا وحكومة وعاش التاسع من نيسان الأغر الذي أزال صدام ونظامه المجرم ، والمجد والخلود لشهداء شعبنا العراقي الذين قضوا من أجل الخلاص من الديكتاتورية والعبودية والتسلّط والقهر .. والموت للبعثيين الأوغاد أينما كانوا وأينما حلّوا ..
أياد السماوي
في التاسع من نيسان ٢٠٢٣