بقلم: د. كوفند حسين شيرواني ..
استبشر العراقيون والمتابعون للشأن الاقتصادي والنفطي العراقي الخير في توقيع اتفاق نفطي بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان يوم الرابع من نيسان الجاري والذي حضي برعاية كريمة من دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس وزراء اقليم كردستان مسرور بارزاني. وعقب أنتهاء مراسم التوقيع, أوعز السيد السوداني بالبدء فورا بتنفيذ الاتفاق, فشرعت وزارة الخارجية في اليوم ذاته بتوجيه خطابا رسميا إلى الحكومة التركية للسماح بمعاوده تصدير النفط ?عبر ميناء جيهان التركي وبموجب عقود تنظمها شركة تسويق النفط العراقية (سومو) المرتبطة بوزارة النفط العراقية.
غير أن التصدير لم يبدأ وتطبيق الاتفاق لم يحصل لغاية يوم كتابة هذه السطور (الثاني عشر من نيسان) رغم ان الجانب التركي أكد التزامه بقرار اللجنة التحكيمية للمحكمة التجارية الدولية في باريس وأن يتم تصدير نفط الأقليم عن طريق الحكومة الاتحادية. وتجدر الأشارة أن قرار لجنة التحكيم الذي أعلن يوم 23 آذار, أعتبرته وزارة النفط العراقية فوزا لها في دعوى قضائية رفعتها ضد تركيا في العام 2014.
ولغاية اليوم لم يمتثل الجانب التركي بابداء التسهيلات لتصدير النفط الذي تصل كمياتة الى 480 ألف برميل يوميا منها400 ألف برميل من حقول الاقليم و 80 ألف برميل من حقول كركوك وبحسب ما تردد من أنباء, فأن الجانب التركي تذرع بوجود قضية تحكيم ثانية ترتبط باتفاقية 1973 لخط الانابيب الناقل عبر تركيا والتي تتعلق بصادرات العام 2018 ومازالت في محكمة غرفة التجارة الدولية ولم تحسم بعد. فإذا كانت دعوى التحكيم السابقة حسمت بعد تسع سنوات فإن الدعوى الاخيرة قد تستغرق عامين آخرين.
تأخير تصدير
هذا التاخير في التصدير سيلحق ضررا بالغا بالاقتصاد العراقي والإيرادات النفطية عبر المنفذ التركي. فعند أحتساب سعر 70 دولارا للبرميل الواحد, فإن خسارة الإيرادات النفطية ليوم واحد تصل إلى 34 مليون دولار, وعند اعتبار الارتفاع الاخير في أسعار النفط, فان النفط العراقي قد يباع هذا الشهر بسعر يصل الى 75 دولار, عندها سترتفع الخسارة اليومية الى 36 مليون دولار وهي القيمة اليومية للنفط الذي لم يباع من منفذ جيهان التركي. وعند تقدير إجمالي الخسائر من يوم 25 آذار الماضي (وهو اليوم الذي توقف فيه التصدير) إلى نهاية يوم 12 نيسان الجاري, فأنها ستتجاوز 680 مليون دولار, وإذا استمر هذا التوقف فإن الخسائر في إيرادات النفط ستتجاوز المليار دولار شهريا !!
وفي حال استمرارالتوقف في التصدير إلى نهاية العام الحالي (لا سمح الله) فإن مجوع الخسائر المالية سيتجاوز 8 مليارات من الدولارات, وهذا الرقم الصعب سيضاف الى عجز مثبت في مشروع قانون موازنة العام الحالي قدره 50 مليار دولار, وهذا الأمر سينعكس سلبا على كافة البرامج الحكومية المخطط لها في الموازنة.
أن هدرا بقدر 36 مليون دولار في اليوم الواحد يعد خسارة لن يقبلها أي عراقي مخلص وغيور, خاصة أنها تأتي قبيل إقرار قانون الموازنة الذي لا يزال قيد الدراسة تحت قبة البرلمان العراقي.
نناشد عبر مقالتنا المتواضعة هذه معالي وزير النفط و دولة رئيس الوزراء للتدخل بشكل عاجل مع رئاسة الحكومة التركية لتدارك موضوع تصدير النفط عبر المنفذ التركي و إيقاف الهدر الجسيم لملايين الدولارات من مقدرات الشعب العراقي في كافة أرجاء الوطن. والله من وراء القصد.
خبير نفطي عراقي