بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
في عام 1969 كان الإعلام الدولي والعربي منشغلاً بمتابعة تحركات طاقم المركبة الفضائية التي زعمت امريكا انهم هبطوا على القمر، ولم يلتفتوا إلى الانفجارات السياسية الكبرى التي عصفت بالعواصم العربية في تلك السنة. فقد شهدت سلسلة من الثورات والانقلاب في متوالية مربكة ومتلاحقة وقعت كلها عام 1969. فقبل ستة أشهر من ذلك العام نجح الانقلابيون في ازاحة الرئيس عبد الرحمن محمد عارف عن سدة الحكم في العراق، واستحوذوا عليه بانقلاب عسكري، وفي صبيحة يوم 25 مايو 1969 بثت إذاعة أم درمان بياناُ للعقيد أركان حرب جعفر محمد النميري معلناً استيلاء القوات المسلحة السودانية بانقلاب عسكري ضد حكومة الرئيس إسماعيل الأزهري، في خطوة غير متوقعة لإنهاء العهد الديمقراطي الثاني في السودان. وفي منتصف عام 1969 أطاح الملازم الأول معمر القذافي بحكم الملك إدريس السنوسي، وبسط نفوذه على ليبيا قرابة 42 سنة. وفي عام 1969 أيضاً كان وزير الدفاع السوري (حافظ أسد) يعد العدة للاستيلاء على الحكم، فنجحت مخططاته فيما بعد، وأصبح هو الرئيس، وهو القائد العام للقوات المسلحة، والأمين العام للقيادة الإقليمية لحزب البعث. وفي نوفمبر 1969 فاز الحبيب بورقيبة في الانتخابات الرئاسية بنسبة 100%. ولم يكن عام 1969 عاماً عادياً في حياة لبنان، فقد تنامى إلى الوطنيين اللبنانيين أنباء عن محاصرة الجيش اللبناني لمجموعات من الفدائيين الفلسطينيين في القطاع الأوسط (بنت جبيل)، ويومها كان الجرح اللبناني عميقاً بعد العدوان الاسرائيلي على مطار بيروت الدولي. وفي يوم 21 آب / أغسطس من عام 1969، أقدم المتطرف الصهيوني (دينيس مايكل روهان) على إحراق الجناح الشرقي للمصلى القبلي في المسجد الأقصى. فقرر العرب عقد اجتماعهم الطارئ في العاصمة المغربية بمشاركة 14 دولة عربية. لكنهم افترقوا قبل صدور أي قرار أو بيان ختامي منهم، ولم يسفر اجتماعهم عن شيء. وكانت اسرائيل على إطلاع تام بكل ما كان يجري هناك أول بأول. وأعترفت قبل سنوات بدور المملكة المغربية في التعاون معها، وتزويدها بتسجيلات القمة العربية التي استضافتها. .
ختاماً: هل وقعت هذه المتغيرات كلها في عام واحد بمحض الصدفة ؟. ولماذا وقعت كلها في توقيتات زمنية متقاربة ؟. ومن كان فيكم يصدق ان معظم الثورات والانقلابات والتحولات وقعت كلها في عام 1969 ؟. أنا شخصيا لا أعرف، لكن الوقائع تشير إلى وجود سيناريوهات سياسية كانت معدة مسبقة، وتم تنفيذها في عام واحد. . .