بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
توجهت حكومات العالم لانقاذ رعاياها في السودان وتحركت بسرعة لإجلائهم وتوفير الحماية لهم، فمن يرعى المواطن السوداني ؟. ومن يحميه من نيران الاخوة الاعداء ؟، ومن سيبادر الى انتشال الناس من هذا البركان المدمر ؟. ومن سيضغط على طرفي النزاع للتوصل الى تسوية سلمية ؟. .
لا شك ان تسارع وتيرة عمليات الاخلاء تحمل قراءة متشائمة توحي بأن الحكومات الغربية أدركت ان الخرطوم مقبلة على حرب طويلة، وقد تنزلق إلى قتال مرير قد يستمر لسنوات.
لقد اتخذت البلدان العربية والاجنبية قراراتها لاغلاق سفاراتها، واجلاء الرعايا والدبلوماسيين، ولا أمل في انهاء الاقتتال في القريب العاجل. .
فهل من الانصاف ان تطالب البلدان بتأمين ممرات آمنة لاخلاء رعاياها من دون ان يفكر العالم بمصير الشعب السوداني الذي يتجرع الموت غصة بعد غصة، ولا احد يقف الى جانبه. لقد تركزت النشاطات الدولية على اخلاء الرعايا الاجانب، ولم تعر أية اهمية لما ستؤل اليه احوال السودانيين. باستثناء دولة جنوب السودان، التي تعاني هي الاخرى من حرب داخلية، ومع ذلك ابدت استعدادها للوقوف مع أشقاءهم. .
ما يقلق الشعب السوداني الآن هو خروج الصراع عن السيطرة. واحتمالات تفاقم الاوضاع نحو الأسوأ، سيما ان كل المؤشرات تؤكد ان المواجهات التي ستندلع بعد استكمال عمليات إجلاء الأجانب ستكون أشد عنفاً وضراوة، وستتسع بالطول والعرض. .
وبات واضحا ان القوتين المتحاربتين تمردتا على الشعب السودان نفسه، وليس فيهما من يفكر بمصير هذه الامة التي اضحى مصيرها بين المطرقة والسندان، بين راجمات البرهان وقاذفات حميدتي. فقد توقفت 55 مستشفى عن العمل حتى الآن من أصل 79. بينما تعطلت المطارات والطرق العامة. .
خرج الرعايا الاجانب من السودان، وغادروها الى غير رجعة، وكُتبت لهم السلامة والأمان، وظل الشعب السوداني ينتظر العناية الآلهية، في حين اختفت اصوات العقلاء والحكماء، وارتفعت اصوات القذائف والمتفجرات، واصبحت محطات الماء والكهرباء مهددة أكثر من اي وقت مضى. وشهدت العاصمة موجات نزوح نحو المناطق الريفية البعيدة، وهنالك العديد من الأسر تحاصرها نيران الاشتباكات. .
ختاماً: كانت البعثات الدبلوماسية تضغط لإيقاف اطلاق النار من اجل سلامة رعاياها. اما الآن فقد تمت عمليات الاجلاء، وبات الشعب السوداني بانتظار ما ستخبئه له الأيام. . .