بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
المؤسف له ان بعض رؤساء القبائل البدوية يشعرون بالزهو والقوة كلما تكاثرت اعداد قبيلتهم، فيطغون ويتمردون، ثم يتخذوا من النهب والسلب مهنة لهم، وأحيانا يلجئون إلى قطع طرق القوافل المتعبة من مشقة المسالك الصحراوية الوعرة، أو يلجئون إلى شن غاراتهم كما الجراد على القرى الفقيرة الواقعة على أطراف التجمعات السكانية الآمنة، أو يتحركون مثل أسراب الجراد في هجمات مكثفة ومباغتة تثير الرعب والذعر في نفوس النساء والأطفال، يقتلون وينهبون بموجب فتاوى يطلقها فقهاء السوء الذين برروا للأعراب غاراتهم، وحللوا لهم ما يسمى بالغنائم، ومن لم يصدق فيكم هذه الفتاوى يكفي ان نذكره بفتوى (ابو اسحاق الحويني) الذي ظل حتى الآن يحث الشباب على ممارسة هذا السلوك الهمجي، ويدعوهم لنهب أموال الناس وسبي نساءهم، والغريب بالأمر انه يطلق هذه الفتاوى الآن ونحن في عام 2023، فما بالك بالفتاوى التي كان يطلقها الرعاع في العصور الغابرة. .
ولو اطلعت على جرائمهم التي قبحت وجه التاريخ لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا، فالدور الدموي الذي كانت تلعبه تلك القبائل البدوية في تدمير المدن العربية هو الذي أضطر الملوك والسلاطين والولاة إلى شراء ولاءهم بالاموال الطائلة لكي يأمنوا من شرهم، لكنهم يقفون دائما مع الذي يدفع لهم أكثر، بمعنى أنهم كانوا مرتزقة مأجورين ليست لديهم ولاءات ثابتة، وكانوا بلا قيم وبلا مبادئ. يقتلون الناس بلا مبرر وبلا رحمة، ويحسبونها شجاعة، وكانت القوات البريطانية تستأجرهم لإثارة الفوضى على أطراف الولايات العثمانية في سوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية، فبرز اسم فيصل الدويش واسم راكان بن حثلين في العمليات التي مولتها بريطانيا لتخريب سكة قطار الحجاز، وفي الإغارة على المحطات والموانئ التي أنشأتها الدولة العثمانية. .
وكلفتهم بريطانيا بقطع طرق البريد والعبث في مدن المنطقة، وما أن انتهت الحرب العالمية الاولى، حتى شعرت بريطانيا انها ليست بحاجة إلى هؤلاء الذين لا دين لهم، ولا يمكن الاطمئنان إليهم، لأنهم جُبلوا على الخيانة والغدر ونكث العهود والمواثيق، فاستغنت عنهم، ثم اقتادتهم مكبلين بالاصفاد إلى الملك عبد العزيز بن سعود، الذي شعر أنهم باتوا يشكلون خطراً على مملكته الفتية، فرماهم في السجن حتى نفقا هناك. .
وقد استعانت الولايات المتحدة بهذه النماذج في تأسيس داعش واخواتها، فلجأت مرة أخرى إلى جراد الصحاري الجافة، واستعانت مرة اخرى بفقهاء السوء لإحياء فكر ابن تيمية في القتل والفتك والنهب والسلب والتعذيب والاعتداء، وهذا ما اعترفت به هيلاري كلنتون عشرات المرات، حتى صار الابن يقتل أباه، وذلك تماشياً مع نظرية ابن تيمية التي يقول فيها: (وَإِذَا كَانَ الوالدُ مُشْرِكًا جَاز لِلْوَلَدِ قَتْلُهُ)، أو نظريته الأخرى في الاختيار بين الاستتابة والقتل. .
وقد ظل ابناء تلك القبائل يتفاخرون حتى الآن بجرائم اجدادهم وأفعالهم الخسيسة، فالقوم أبناء القوم، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. . .