بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
يعود تاريخ العقال إلى المراحل السومرية والبابلية الأولى، وظهر في معظم الآثار العراقية المعروضة الآن في المتاحف المحلية والعالمية. ويكاد يكون العلامة الفارقة في أزياء الرجال على إختلاف قومياتهم ودياناتهم في عموم بلدان الشرق الاوسط، حيث يلبسه في العراق: المسلم والمسيحي والمندائي والأيزيدي، ويلبسه العربي والتركماني والآثوري والسرياني والشركسي. .
وظل العقال يحمل المواصفات نفسها باستثناء بعض الاختلافات الطفيفة، فهو يُصنع من خيوط منسوجة من صوف الأغنام أو الماعز، ويغلف بالحرير أو الصوف، وأصبحت له أشكال ثابتة ومتفق عليها في معظم البلدان. لكنه اشتهر بلونين: الاسود لعامة الناس، ولا فرق هنا بين الامير والفقير، اما اللون الآخر فهو الأبيض الذي يرمز لمناسبات معينة وأحياناً يكون مقتصراً على النخبة من رؤساء القبائل. .
لا نريد الخوض في تاريخ العقال ونشأته ورمزيته ودرجاته السامية في مقياس الرجولة والشرف، بقدر ما نسعى لتسليط الاضواء على ظاهرة مذمومة انتشرت في العراق بين مجموعة من الشباب، الذين اساءوا استخدامات هذا الرمز العربي الجميل، وتلاعبوا في تصاميم العقال، فظهر بحجم صغير. أصغر من صحن كوب الشاي، وأحياناً أصغر منه بكثير، وبات يشكل صعوبة في استقراره فوق رؤوسهم. بينما ظهرت الكركوشة (المرتبطة به) أطول من المعتاد بمقدار الضعف، أو ربما أكثر، حتى باتت تلامس القدمين من الخلف، وظهرت عليها خيوط مستعرضة، وشرائط برّاقة تبعث على الاستخفاف والسخرية. .
سألت احدهم عن سر هذا العقال الصغير، الذي يطلقون عليه (ميني عقال)، فأجابني بكل وقاحة: (انه قمر صناعي). ثم سألته عن الكركوشة الطويلة، فقال لي مستهزءاً: انها سلك الأيرث (earth wire). .
ختاماً: حري برؤساء القبائل ان لا يسمحوا لهؤلاء بالتلاعب برمز موروث من رموزنا العربية الأصيلة. .
وللحديث بقية. .