بقلم : هادي جلو مرعي ..
شهدت قمة جدة التي عقدت في المملكة العربية السعودية، وترأسها الملك سلمان بن عبد العزيز حضور رؤساء وملوك وقادة الدول العربية في ظل تطورات إيجابية تطبع العلاقات العربية العربية، ومايصاحبها من تطورات دولية مهمة ومؤثرة في ظروف رغم كونها إستثنائية، لكنها إيجابية للغاية، ويمكن إستثمارها بطريقة ما لتكون في مصلحة العرب جميعا الذين يأملون في حل مشكلاتهم، والذهاب الى ماهو أبعد من التهدئة وإصلاح الضرر الى الإستثمار والإعمار والبناء، حيث شاركت سوريا ولأول مرة منذ العام 2011 بوفد ترأسه الرئيس بشار الأسد، وسبقه حضور وفد وزارة الخارجية برئاسة فيصل المقداد الذي إستمع الى كلمات الترحيب من وزراء الخارجية العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي رحب بعودة سوريا الى الجامعة العربية بعد جهود بذلتها دول عربية ساهمت في تذليل العقبات ووضع أسس علاقة جديدة واضحة والبحث في سبل حل الإشكالات السابقة ومحاولة تصفير الأزمات.
ناقشت القمة العربية ملفات مهمة في سبيل تأكيد التضامن العربي، وفي مقدمة ذلك عودة سوريا بكامل حضورها الى الجامعة العربية بعد عزلة قسرية نتيجة الأحداث التي مرت بها والتدخلات الخارجية، ولأن البوصلة دائما ماتشير الى فلسطين فقد كانت القضية الفلسطينية وممارسات الإحتلال وعدوانه المتكرر على شعبنا الفلسطيني حاضرة في كلمات الزعماء ونقاشاتهم ولقاءاتهم الجانبية والتأكيد على مركزية هذه القضية التي تحولت الى إرث عربي لايمكن التخلي عنه مطلقا والسعي في سبيل تأكيده وبقائه حتى نيل الحقوق المشروعة لشعبنا المرابط هناك في بقاع فلسطين المختلفة التي تنتظر يوم الخلاص من شرور الإحتلال الغاشم، بينما شغلت المعارك بين الأخوة في السودان إهتمام القادة العرب الذين دعوا الى السلام ونبذ العنف وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتجنب إيذاء المواطنين العزل والعودة الى الحلول السلمية وتجنيب السودان مخاطر الإنزلاق الى حرب ممتدة لاتبقي ولاتذر في بلد تتنازعه القبلية وينتشر فيه السلاح دون ضوابط، وكان لبقية القضايا حضورها على طاولة النقاش ومحاولة الوصول الى نتائج ملموسة.
تصفير الأزمات هدف واضح للعرب في مرحلة تحولات كبرى إقليمية ودولية خاصة بعد تفاهمات حصلت في الٱونة الأخيرة بين دول عربية ودول إقليمية، وهو مايؤشر الحاجة الى أن يكون التفاهم بين العرب أكثر أهمية، فالتوافق العربي العربي، والتوافق مع الإقليم المجاور يشير الى إمكانية تحقيق مكاسب إقتصادية وإستقرار أمني وشراكات متعددة في مجالات التنمية والإستثمار ومحاربة العنف والإرهاب والإتجار بالمخدرات، وهي مخاطر تضاهي خطورة الإرهاب لأنها تساهم في تفكيك المجتمعات، وتخريب النفوس والعقول، وتحطم ٱمال التنمية والتطور، وإضافة الى كل ذلك يكون العرب قد غادروا دائرة الخلافات البينية الى التفاهم والتعاون المشترك وهم في معرض الوصول الى قرار عربي موحد يواجه التطورات الدولية المتصاعدة في أكثر من ميدان خاصة مع التوتر في المحيط الهادي والصراع الروسي الغربي، وإحتمالات تطور مشكلة تايوان الى مواجهة عالمية تؤدي الى مضاعفات على الإقتصاد العالمي، وتهدد الأمن والسلم في العالم حيث يتواصل الإهتمام من قبل دول كبرى بمنطقتنا ومافيها من إمكانات هائلة وثروات وفرص إستثمار كبيرة.