بقلم: فراس الغضبان الحمداني ..
هل كان في مخيلة هذا الفتى الصغير عندما كان في الصف الثالث الإبتدائي إنه سيكبر وسيهرب من زوج والدته حاف القدمين ثم يكبر فيتحول إلى العاصمة حيث الأحلام أكبر وأكثر جموحاً ، ثم ينتظم في صفوف العصابات والوحوش الباحثين عن أمجاد ترقى على الجماجم ، ثم يكون جزءاً من لعبة الموت والعمالة المتشحة بزيف الوطنية ، ثم يعود من مصر إلى وطن تتقاذفه الأهواء وأحلام السلطة الصاخبة ثم يتٱمر على الشيخ الكهل ويرغمه على تلاوة خطاب التنحي بحجة المرض ، ثم يترقى من النيابة إلى الرياسة والوغول في متاهة الموت ، ثم يحول ذاته إلى أنا ربكم الأعلى حيث عاضده المارقون والقتلة حين جمع رفاقه في قاعة الخلد ، وقتلهم شر قتلة بأيدي قتلة مجرمين سفلة ثم قاد بلداً مسكوناً بالخوف إلى الحرب والدمار في مواجهة كان سفلة العرب من دعاتها ومدوه بالمال والسلاح وقالوا له إذهب وقاتل أنت وشعبك إنا هنا منتظرون وعليك أن لا توقف الحرب فضحاياك غنمك وليسوا أودلادنا وستدمر بيوت شعبك وتتهتك شوارع بلدك بينما تأمن بيوتنا وشوارعنا وحدائقنا وأشجارنا ، وتاريخك ايها القاتل السفاح المضحي بشعب من أجل سلطة زائلة عمدتها بالسجون والمعتقلات والأوبئة والموت والإنتظار الذي لا ينتهي وأمل بالخروج لا يتحقق أبداً أبداً حيث الجلادين والقتلة والذين يعذبون السجناء حتى الصباح وطوال الليل المرعب الذي يملؤه العويل والصراخ والرعب في كل لحظة تكاد تكون دهراً لا نهاية لمدته ولا إنقضاء لعذاباته .
سنوات من الحرب وهو يتفرج من خيال قصره المنيف على توابيت تنقلها سيارات بالية إلى مدن وقرى العراق لقتلى الحرب العبثية تلك وهناك الجرحى والمعاقين والثكالى والأيتام الذي يجمعهم الحزن في مكان واحد ، ورغم ذلك كان يتبجح بالإيمان بينما تشهد المقابر على وحشيته ودونيته وصفاقته ووحشيته التي لا تنقطع وهو يحاكي وحشية الأمة العربية الواحدة المتوحدة بالوهم والزيف والتاريخ الأغبر المنعزل عن الحاضر وعن المستقبل الذي يتمناه الناس ويرجون أن يعيشوه بسلام ومحبة وتسامح ، حتى إذا إنقضت تلك الحرب بحصد أرواح الملايين وثكالة النساء ويتم الصغار ، وحيث العراق مكبل بالموت والديون والخراب والضياع واليأس وغياب الرؤية ورثاثة الأوضاع بلا بناء ولا تطور ولا إعمار ، وذهب مهرولاً إلى الكويت بحجة التوحيد بين مدينة عامرة قرر هو لوحده إنها تابعة و لابد أن تعود إلى الوطن الأم هي وأهلها وكانت الكذبة الكبرى التي صدقها المخدوعون والموهومون بأوهام الأمة التي تركها لمصيرها المشؤوم حيث إستغل المارقون قضية إحتلال الكويت لعزل شمال العراق برفع علم وتعيين رئيس ووزراء للأقليم . ثم يتسلط طيران أمريكا والغرب حيث دمر كل شيء الكهرباء والطرق والجسور والبيوت والمؤسسات العامة والخاصة والقتلى الذي لاعدد لهم ولا إحصاء . ثم حصار لثلاثة عشرة سنة وهو يتفرج بينما يغدق على وحوشه وحلفائه في الداخل والخارج والذين يحصلون على الأموال والهبات والهدايا الكثيرة . كان شرها في تناول الطعام هو والمحيطين به ثم ينظر جذلاً إلى جنازات الصغار في مستشفى الإسكان التعليمي للأطفال وكانت الفنانة رغدة تعاضده وتقبض منه وتمجد وتسوق له وتنتظره هناك في الآخرة لتكون معه في الجحيم .
حتى إذا إنقضى الحصار قرر سادته الهجوم عليه وإسقاط حكمه وتدمير العراق ، وبينما كان يهرب ليختبيء مثل الجرذان كان أتباعه ينتقمون بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والإغتيالات وتدمير الأسواق والمساجد والمدارس الطرقات في جميع مدن بغداد والمحافظات إنتقاماً لهزيمته النكراء وكان أتباعه يتصيدون البسطاء من الناس ليقتلوهم ، و إذا هو مقبوض عليه مكبل بالأصفاد والأغلال والحديد بلحية كثة متسخة يغمسها العفن ويقاد إلى المحاكمة العلنية التي فضحته ثم أوصلته إلى حبل المشنقة والموت الزؤام ، بعد أن رأى ولديه اللذين كانا يشرفان على حملات القتل والدمار وهما ممددان على مدرج المطار ، ترك لنا إرثاً من الرعب والخوف والعقد والمجرمين الذين لم يشبعوا في عهده فصاروا يقتلون ويدمرون تحت شعارات الجهاد وكان ٱخر جرائمهم ما فعلوه في محافظة صلاح الدين الذي شهدت على جرائمهم الوحشية حين قتلوا 1700 شاب في قاعدة سبايكر .
كل ذلك كان غائباً عن مخيلة ذلك الفتى الصغير قبل أن يكبر ولم يكن في نفسه إنه سيصبح وحش وطاغية العراق .