بقلم : حسين المحمداوي ..
كانت السيارة تتهادى في الطريق الصحراوي القديم في تسعينيات القرن الماضي الواصل بين كربلاء والنجف بعد زيارة لمرقد الإمام علي بن أبي طالب ، وكانت الرمال تحيط بذلك الطريق الضيق الذي لا يكاد يتسع لسيارتين تسيران في إتجاهين مختلفين وعند الوصول إلى مركز كربلاء لا يكاد من شيء يلفت الإنتباه في المكان سوى المرقدين الشامخين المنيرين بنور الشخصيتين العظيمتين الحسين وأخيه العباس ( ع ) ، اللذين منحا المدينة رونقها وتاريخها ومستقبلها ووجودها كله ، حيث يقصدها آلاف الزائرين كل يوم وفي المناسبات الدينية عشرات الملايين غير آبهين بطريق أو مسافة أو تكاليف لأن الهدف هو الحسين ذلك العظيم الذي أسس للبطولة تاريخاً لا ينتهي ولا ينقطع ، كانت المدينة فقيرة في الطرق والخدمات والبيوت والأسواق والشوارع سوى إنها مجرد مدينة مهملة من نظام قاس هدفه الصمود في السلطة وتدمير كل عنوان يؤرق مضاجع الطغاة في ذلك النظام العنيف والشرير عدو القيم والإنسانية ، وكانت المدينة مراقبة وأسيرة لعناصر الأمن والإستخبارات والأجهزة الأمنية التي تنتشر فيه وتضيق على زائريها .
كان الحلم يكبر برحيل الطغاة وقد رحلوا بإرادة القدير وإنفتحت كربلاء لزوارها كأنها الجنة فتحت أبوابها وأخذ المؤمنون يدخلونها وهم في طمأنينة وشعور بالسكينة والراحة ، فهي روضة من رياض الجنة وكيف وهي تحتضن جثمان الحسين سيد شباب الجنة وأخيه العباس ( ع ) وأبناء وأخوة وأبناء عمومة وصحابة مضحين مؤمنين بخاتمة تليق بالشجعان الرافضين للطغيان والعبودية . ها هي كربلاء اليوم مدينة كبيرة مترامية تشق أنحاءها الطرق الحديثة التي تصل أحياءها ببعض وتربطها بالمدن الأخرى ، بينما تنتشر الفنادق الفارهة والأسواق والمتنزهات والمجمعات السكنية والترفيهية وشبكات المياه والصرف الصحي والجامعات والمدارس والمتنزهات والبنايات الفارهة والمستشفيات والمجمعات العائلية ، وتنفتح على الصحراء حيث الإستثمار في كل شيء . في المطار وملاعب كرة القدم والقاعات والمنتديات والمزارع الكبيرة والبساتين والمصانع ومجمعات المياه والمصافي ومحطات الوقود والكهرباء ، وكل ما يمكن أن يمثل الرغبة في التطوير والبناء والنهوض والتطلع إلى المستقبل المشرق الذي يليق بكربلاء وأهلها وزوارها وقبل ذلك بمشرفها وصانع مجدها التليد ذلك الحسين الشهيد ( ع ) .
أحيي من القلب جميع الاخوة والمسؤولين والقائمين على العتبتين المشرفتين والعاملين في كل قطاع ، وأخص السيد محافظ كربلاء الأستاذ نصيف جاسم الخطابي الذي يسهر الليل بالنهار سعياً وعطاءاً وإصراراً على النهوض بهذه المدينة التي نال شرف أن يكون محافظها والقائم على شؤونها وما تحتاج إليه حيث نجح نجاحاً منقطع النظير وأثبت للجميع نجاحه وإحترامه للمسؤولية ولمكانة المدينة ، وأبدع في الإدارة وكان عوناً لكل صاحب عطاء وكل محتاج وكل راغب في المشاركة في التعمير والبناء والتجهيز ، لتكون كربلاء عنواناً دائماً لعطاء لا يتوقف ولا ينتهي أبداً .
شكرا سيادة المحافظ .. شكراً كربلاء التي زودتينا بالروح الجديدة والتواقة لتحقيق المنجز .