بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..
لعله القدر أو شيء أكبر من ذلك أو من الإستحالة أن نجد له تفسيراً منطقياً لأن ما يحدث على أرض العراق منذ بدء الخليقة وحتى الآن عصي على الفهم والتفسير ، فقد مرت على أرض السواد موجات من البشر والأقوام وشيدت حضارات عريقة لكنها جميعاً آلت إلى الخراب ، لترى أية لعنة هذه قد حلت بنا وبلادنا ؟!.
وبعيداً عن التفسيرات الميتافيزيقة والأساطير اللامنطقية يتحمل إنسان هذه الأرض وزر ما حل به ولعل أولهم سيدنا آدم الذي تحمل أثم الخطيئة وأرغمه الله على الهبوط من الجنة إلى أرض العراق ، وهذا هو العراقي الأول حامل الخطيئة الأولى ، ثم جاء ولداه هابيل وقابيل ليسجل أحدهما وببراعة أول جريمة قتل للنوع البشري وربما كان دافعها الجنس ، بينما كان دافع الجريمة الأولى غواية حواء وشهوة الأكل .
هكذا تناسلت بيننا الخطيئة وأصبحنا نشيد الحضارات الكبيرة ، ثم تقودنا شهواتنا وخطايانا لتخريب ما عمرناه بأيدينا ، وكأن الرب أراد أن يطبق فينا مقولة : ( ونعذبهم بأيديهم ) ، ولعل في ذلك أشد القسوة وأكثر الأيلام ، وتواصلت هذه المعادلة حتى توج مسيرة الآلام صدام العصر وتحولنا إلى سيوف وحبال ومشانق ، يقتل أحدنا الآخر ، ويشنق الأخ أخاه ، ويغدر الصديق صديقه ، ولم نغادر هذه المعادلة حتى بعد سقوط النظام ، فأي شعب نحن نتقاتل في ظل الدكتاتورية ونقتل في ظل الديمقراطية ؟!.
وأزاء هذه الحقائق التاريخية الدامغة تنكشف حقيقة الإنسان العراقي ، وأقولها ليس سخرية من هذا الشعب لأنني واحد منهم وما يتهمون به أتهم به أيضاً .
هؤلاء القوم لا هم أبناء حضارة ولا هم محترفو بداوة ، ليس من الريف ولا هم أبناء مدينة ، ولا نعرف حقاً ما يجول في نفوسهم وهم يتأرجحون بين الإيمان والكفر ، وما زالوا يرددون كما هو عهدهم في كل واقعة مرت في هذه البلاد ، قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم وليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً .! وعلى حد قول أحد المتندرين أن هذه المقولة التي أقترنت بواقعة الطف فأن تفسيرها الحقيقي أن المنادي يتمنى أن يكون شريكاً في تلك الواقعة ، وإنه لا يهدف كما يظن البعض ويوحي الشعار إلى نصرة الحسين بن علي (ع) ، وإنما الفوز المقصود أن ينال جائزة إبن زياد بعد أن يحمل رأس الحسين أو رؤوس البعض من ذويه .!
ولا يبالغ أزاء هذه التفسيرات من يدعي أن كل مكان من أرض العراق هو كربلاء ، وكل يوم يمر علينا هو عاشوراء ، وهكذا ترى كل يوم يتساقط الشرفاء بدون حساب ، وتدنس المبادئ ويعلو نجم الساقطين والمختلسين وحاشيتهم من البلداء والفاسدين .
وحين نتأمل اليوم هذه المشاهد في البرلمان والحكومة وأجهزة الدولة وما حل فيها من فساد ، وما يجري في قطاع الخدمات والمشاريع والمقاولات ، وما نراه اليوم من مآسي بسبب البطالة والفقر والمرض والإهمال والعداء ، والذي يدفع فاتورتها دائماً الفقراء ، نكتشف أن هذه الأمة قد تطبعت على النفاق والشقاق ، وإنها تقدس المبادئ ، لكنها تخضع مثل العبيد للمكاسب والمناصب ولسان حالها يردد : ( كن إبن من شئت وأفعل كل ما هو مشين ) ، تأكيداً لشعارنا العبقري الإنتهازي القائل ( يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً ) .
Fialhmdany19572021@gmail.com