بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
حاول رؤساء الأنظمة السياسية (في ليبيا ومصر والعراق وسوريا) التمهيد لفكرة توريث الحكم لأولادهم، ومن ثم إلى أحفادهم. وظهرت مؤشرات تلك المحاولات في سلوك الابناء وفي تدرجهم القيادي المتسارع نحو الأعلى. فحصل كل من (علاء وجمال) على أعلى المعدلات والدرجات الجامعية في مصر، ثم تمتعوا بصلاحيات استثنائية في ظل الدولة التي يقودها باباهم. وهكذا الحال في النفوذ الذي كان يتمتع به كل من محمد القذافي، وسيف الإسلام القذافي، والساعدي، والمعتصم بالله، وسيف العرب، وهانيبال، وخميس، وابنته الوحيدة عائشة القذافي. وكان كل من (عدي وقصي) يتمتعان بنفوذ يفوق الخيال، يتجاوز نفوذ اعضاء القيادتين القطرية والقومية، ويطغى على نفوذ قادة الفيالق والوزراء والسفراء في دولة بابا. ولم تنجح فكرة الوريث الرئاسي إلا في سوريا التي يحكمها الآن الدكتور بشار خلفاً لأبيه حافظ أسد، ويجري الآن تهيئة ابناء السيسي وابناء قيس العابدين بن اسعيد لتولي الخلافة الرئاسية في البلدان التي يحكمونها. .
ربما يقول قائل: ان الأنظمة العربية تأثرت بالتجربة الهندية عندما استلمت السيدة أنديرا غاندي رئاسة الوزراء بعد والدها جواهر لال نهرو بسنوات، وعندما استلمت بنازير بوتو مقاليد الحكم بعد والدها (ذو الفقار علي بوتو) بسنوات. لكن الانتخابات الديمقراطية في الهند وباكستان هي التي حسمت مواقف الترشيح في البلدين. وبالتالي فإن الانظمة العربية سارت على النهج الذي آمن به الحزب القائد في كوريا الشمالية إبتداءً من الجد كيم إل سونغ، إلى الابن كيم جونغ إل، إلى الحفيد كيم جونغ أون. وعلى هذا السياق نجحت فكرة التوريث الرئاسي في اذربيجان من الأب حيدر علييف إلى الابن إلهام حيدر علييف الذي يترأس البلاد الآن في دولة بابا. فجميع هؤلاء الأبناء كانوا يتمتعون بسلطات لا حدود لها في ظل الديمقراطية البابوية. .
اما على صعيد التنظيمات الحزبية والرياضية (وحتى الدينية) في عموم البلدان العربية فيقتصر التوريث على الاولاد والاحفاد في معظم مراحل الخلافة والسيادة والزعامة. أما انت يا جبر فسوف تشبع قهر، ويكون مصيرك من بطن أمك إلى القبر. . .