بقلم : هادي جلو مرعي ..
مايزال الجدل محتدما في العراق حول قانون العفو العام، ففي الوقت الذي يمثل للقوى السنية وسيلة للوصول الى قلوب المزيد من الجمهور الذي ينتظر تشريع القانون، تعلو أصوات من الإطار التنسيقي تضغط بإتجاه منع تشريعه في البرلمان، وفي نيسان من هذا العام أعلن وزير العدل خالد شواني: إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قرر تشكيل لجنة تعديل القانون وفق رؤية تقارب بين إعتراض قوى سياسية، وأخرى تضغط لتمريره وسط نقاش حاد حول من يشملهم القانون، والذين يرى معارضون إنه لايجوز شمولهم به تحت وصف (الملطخة أيديهم بالدم) إذا ماعرفنا إن الذين في السجون ينتمون لإتجاهات سياسية وفكرية عدة.
إئتلاف إدارة الدولة معني بالنقاش في القانون خاصة وإنه يضم أطرافا لديها رؤى متقاطعة، وكل منها يذهب بإتجاه، لكن المؤمل هو حصول تعديلات مقنعة للمعترضين، ومرضية للمؤيدين الذين يواجهون ضغط الجمهور ومطالبه المتكررة بضرورة الإسراع بتشريع القانون، وجعله نافذا ليتسنى الإفراج عن محكومين في تهم مختلفة أغلبها متصل بالعنف.
الشيخ خميس الخنجر وزعماء سنة شددوا على ضرورة تنفيذ الإتفاق السياسي الذي مهد لتشكيل حكومة السيد السوداني الذي تقع عليه إلتزامات في هذا الشأن خاصة وإنه مدعوم من الطرف الرافض للتشريع، ولديه إلتزامات مع الطرف المؤيد للتشريع، والمطالب وبقوة بضرورة تشريعه، وحسم هذا الملف الذي يشكل صدعا في العلاقة بين القوى السنية وجمهورها الذي لديه إلتزامات متبادلة سياسية وإجتماعية، ووفقا لذلك تتأثر العلاقة، خاصة وإن القوى السياسية قدمت وعودا لذلك الجمهور بالعمل على تضمين أي إتفاق سياسي قانونا يسمح بالإفراج عن السجناء تحت عنوان العفو العام، وعدم الدفع بإتجاه تشريعه يقلل من وتيرة التفاعل بين الفاعل السياسي والجمهور، ولعله الملف الأبرز في العلاقة بين القوى السياسية طوال السنوات الماضية.
ماالذي سيتحقق للسوداني في حال تشريع القانون؟ ربما يكون السوداني وعلى المستوى السياسي من أكثر الرابحين، فهو يحصل على الدعم من الإطار التنسيقي المعترض، لكنه في حال مر القانون ثبت لنا إنه تمرير بعد تعديل وتغيير وإتفاق مع الإطار التنسيقي، وبذلك يتجنب السوداني عاصفة الرفض، وماتسببه له من مشاكل، وفي ذات الوقت يكون قد ربح العبور الى ضفاف فئات إجتماعية ستنظر إليه بطريقة إيجابية، وسيكون العنوان العام هو إن حكومة السوداني هي من عمل على القانون، وهنا يتجاوز السوداني كونه مرشح الإطار التنسيقي الى رئيس الوزراء الذي نجح في تمرير القانون وتنفيذه على الأرض، سيكون جانب القوى السنية في مأمن من الضغوط فعلاقة تلك القوى بالسوداني ستتعمق بعد أن حصل على الدعم منها لتشكيل حكومته، ومن جانب آخر ستربح القوى السنية الرهان مع الجمهور الذي يروج البعض لفكرة انفضاضه عنها والتي ينظر لها على إنها حامي حما السنة.
من المؤكد إن القانون سيكون مهيئا للتشريع بعد تجاوز العقبات القانونية والسياسية فالأمور لن تبقى متوقفة الى الأبد خاصة وإن تطورات سياسية متسارعة يشهدها العراق، وإذا كان من نجاحات تتحقق للحكومة الحالية فدوام إستمرارها مرتبط بتنفيذ الإتفاقات السياسية المبرمة، وهناك مجتمع دولي ينتظر تحقيق تفاهمات أكبر بين القوى السياسية التي تشكل مايسمى إئتلاف إدارة الدولة، وهو لايقتصر على طيف سياسي بعينه، وواضح تماما إن الطريقة التي ينتهجها الشيخ خميس الخنجر في التعاطي مع القوى السياسية والبراغماتية التي ينتهجها ستكون كفيلة بالحصول على مكاسب حقيقية، وهو ماسينعكس على الشارع الذي يبحث عن إستقرار كامل، ونهضة عمرانية وإقتصادية، وخروج من دائرة الذكريات المرة.