بقلم: د. ناظم الربيعي ..
لا يخفى على الجميع إن الإمام الحسين عليه السلام لم يخرج لطلب جاه او سلطة دنيوية وإنما خرج مع عياله واصحابه لاصلاح دين جده رسول الله محمد صل الله عليه وعلى ال بيته الكرام وللمحافظة على استمرار هذا الدين خاليًا من الانحراف والتدليس الذي ظهر في زمانه من قبل بني أميةً واستمر بعدهم وظهر جليًا في مؤلفات بعض المؤرخين في الكتب التأريخية مثل الطبري والبلاذري والذهبي وآبن كثير و البغدادي وابن الاثير والدينوري واليعقوبي والواقدي وغيرهم ذكروا فيها الكثير من المسائل التاريخية غير الصحيحة التي فيها تشويه وتحريف لصورة البطل والبطولة للإمام الحسين واهل بيته وللسيدة زينب عليها السلام والتي كان لها دورا تاريخيًا قل نظريه في إيصال الرسالة الاعلامية والتاريخية والدينية لنهضة الإمام الحسين وثورته على الباطل لذلك فان الحقيقة الوحيدة التي وصلتنا من عاشوراء هي أن الإمام الحسين عليه السلام استشهد هو وأصحابه وأهل بيته في واقعة كربلاء
وما تبقى من احداث معركةًالطف فقد اشبع بالخرافات والكذب والتدليس عن طريق هؤلاء الكتاب وقد استغل بعض خطباء المنبر الحسيني هذه الأخطاء التاريخية لاستدرار عواطف العامة ودموعهم حزنًا على سيد الشهداء عليه السلام
فالإمام الحسين لم يطلب الماء لطفله الرضيع من أتباع يزيد لعنه الله الاوغاد
وعلي الأكبر عليه السلام عندما رجع إلى المخيم بعد قتله لبكر بن غانم ليطلب من أبيه الجائزة ألا وهي شربة ماء فهل يعقل أن علي الأكبر على هذا القدر من الضعف (حاشاه) ليطلب من أبيه الماء وهو على يقين أنه غير متوفر والأطفال تصرخ من شدة العطش وهل يعقل أن علي الأكبر سيزيد حرقة قلب أبيه رغم كل الجراح في واقعة الطف ليطلب منه شيء غير متوفر حاشاه ان يفعل ذلك
والإمام الحسين عليه السلام لم ينكسر أبدا ولم يرجع بعد استشهاد اخيه العباس عليه السلام مكسوراً بل كان صلباً شامخاً كشموخ الجبال وقد ذكر أحد الرواة عنه ما نصه( و الله ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده و أهل بيته و أصحابه أربط جأشا و لا أمضى جنانا و لا أجرأ مقدمًا منه و الله ما رأيت قبله و لا بعده مثله و إن كانت الرجال لتشد عليه فيشد عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه و عن شماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب)
كذلك لم يكن يوم عاشوراء يوماً مناسبًا في كل المقاييس لزواج القاسم عليه السلام من سكينة عليها السلام فهل يعقل أن الإمام يجعله يوماً للزفة والعرس وهو على علم بأنهم سيستشهدون جميعاً بما فيهم الإمام القاسم
اما فخر المخدرات وجبل الصبر زينب عليها السلام فلم تلطم خدها ولم تنثر شعرها وكذلك بقية الهاشميات فهذا الامر يتنافى مع العفة لبنات الرسالة المحمدية المطهرة فمن المستحيل أن تخالف وصية اخيها وإمامها الحسين عليه السلام ( أُخية لا تلطمي عليّ وجهاً ولا تشقي عليّ جيباً ولا تدعي بالويل والثبور) فكيف يعقل أن تخرج السيدة زينب عليها السلام من الخيمة ناثرة شعرها ولاطمة خدها وهذه عادة جاهلية
ولم تنادي في أي موقف من مواقف معركة الطف (وا ذلتاه)فإن كان الامام الحسين قد قال:(ألا وأن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة)فكيف لزينب عليها السلام أن تنسف ثورة الحسين بمثل هذا القول وهي التي كانت امتداداً للثورة الحسينية بل كانت رابطة الجأش قوية صلبة فعندما كانت تخطب فهي تسكت كل من حولها ببلاغتها وقوة حديثها وحجتها وصبرها وهي التي أجابت أمام جمع غفير عندما سألها ابن زياد كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين فقالت :(ما رأيت الا جميلا) وقد نزل ردها عليه كالصاعقة في الوقت الذي كان ينتظر منها الانهيار بعد كل تلك المصائب
القائمة تطول والمواقف تستحق الوقوف عندها والتمعن والتفكر بها علينا أن نخضع كل شيء للعقل ولا نأخذ كل ما ورد بكتب التأريخ على انه صحيح ونسوقه على المنابر علينا أن نفهم لماذا خرج الإمام الحسين عليه السلام لنستطيع أن نفرز الحوادث بين الصدق والحقيقة والتدليس والكذب ونرفض الروايات المدسوسة التي تدمي قلب الحسين لأنها تخالف أهداف ثورته عليه السلام فثورة الحسين هي ثورة الاقوياء الشجعان وهي عبرة لنا على مدى التأريخ فالسلام على سيدي ومولاي أبا عبد الله وعلى أخيه أبي الفضل العباس وعلى أخته الحوراء زينب بطلة كربلاء وعلى سائر المستشهدين معه في هذه الثورة الحسينية المباركة ثورة الحق ضد الباطل وثورة المبادئ المحمدية التي لا يمكن ان يغيرها كتاب كتبوا كتبهم تحت املاءات الحكام الظلمة من سلالة بنو امية
المطلوب من خطباء المنبر الحسيني ان يضعوا نصب أعينهم هذه الأخطاء التاريخية التي لا تتناسب مع مواقف البطولة والشجاعة للإمام الحسين لانه كبير في شانه وعطاءه وثورته
عظم الله اجورنا واجوركم باستشهاد سيد شباب اهل الجنه الحسين بن علي عليهما السلام وعلى اهل بيته وصحبه الكرام