بقلم:د . كمال فتاح حيدر ..
منذ أن أنطلق عمل منظمات المجتمع المدني والحديث يدور حول تمكين المرأة في معظم القارات. وفي هذا السياق نذكر ان الحرب على الارهاب شهدت حملات واسعة ومكثفة لتقديم الدعم والإغاثة للنازحين والنازحات، واللاجئين واللاجئات ضمن برامج التمكين. وشهد العالم كله بما قدمته منظمات المرأة والمجتمع المدني في المناطق المنكوبة. حتى فاقت نشاطاتها على النشاطات الحكومية بعشرات المرات. آخذين بعين الاعتبار ان الهيئات الحكومية غير متخصصة بهذه المهام، ناهيك عن انشغالها بالنواحي القتالية واللوجستية. .
ولابد ان نذكر أيضا الدور الايجابي الذي لعبته منظمات التمكين في مساعدة المطلقات والمعنفات والأرامل بالتعاون بين منظمات المرأة ووزارات الداخلية والصحة والعدل، ووزارة العمل والشؤون الأجتماعية.
كل هذه النشاطات كانت تجري على قدم وساق ضمن توجهات إنسانية بحتة لا علاقة لها بالسياسية، ولا تتأثر بالنزعات العرقية، والنعرات الطائفية، والتطلعات الحزبية. فعندما تتحدث المنظمات الدولية المعنية بشؤون المرأة، فهي تتحدث في قناة بعيدة تماماً عن التسييس التنظيمي، وبعيدة تماماً عن هياكل السلطات التنفيذية والتشريعية، فقد تحددت مساراتها في المجالات الإنسانية لتقديم الدعم السخي للمرأة. اما الذين يحاولون ربط نشاطاتها الإنسانية بالهيئات والمؤسسات الحكومية بغية تحقيق المكاسب السياسية على حساب المنظمات الدولية التي تحمل الاموال والأرصدة، وتبدي استعدادها لتغطية النفقات والتكاليف، ولها القدرة على فتح ابواب صرف المبالغ من ميزانيتها المخصصة في هذا المضمار، فأن محاولات إخضاع منظمات تمكين المرأة لسلطة الدولة والحكومة يعد سلوكاً منافياً للسياقات العالمية المتفق عليها والمعترف بها. فمثلما لا يحق للدولة التحكم بشؤون المنظمة البحرية العالمية (IMO)، ومثلما لا يحق لها التحكم بشؤون منظمة العمل الدولية (ILO)، ومثلما لا يحق لها التدخل بقرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA). لا يحق لأي وزارة أو هيئة أو مديرية حكومية التحكم بمنظمات تمكين المرأة، لأن هذه المنظمات لا تخضع لها، ولا ترتبط بها، ولا تدور في فلكها. .
فالمضايقات المزعجة التي تتعرض لها منظمات المرأة ومنظمات المجتمع المدني في العراق. هي منغصات مقصودة، تهدف إلى فرض الهيمنة على تلك المنظمات لأغراض انتخابية أو سياسية. وربما بهدف التحكم بتمويل المشاريع والبرامج المحلية. أو لحرمان العراقيات من منافع الدعم الدولي. .
مما لا جدال فيه ان هذه المنغصات تعيدنا إلى الوراء. إلى الزمن الذي كانت فيه دكتاتورية السلطة الحاكمة تقحم أنفها في عمل المنظمات الدولية، إلى الزمن الذي كان فيه الاتحاد العام لنساء العراق والأتحاد الوطني لطلبة العراق هما الواجهات المجيرة لصالح الحزب المتفرد وقتذاك بالسلطة. متناسين إن العراق يرتبط دولياً باتفاقيات ومعاهدات مختصة بحقوق الإنسان، ومنها اتفاقية سيداو، وقرار مجلس الأمن المرقم 1325، ولوائح حقوق الإنسان الأخرى. كما أن الدستور العراقي نفسه ينص على استقلالية منظمات المجتمع المدني. وما هذه المنغصات التي تجري الآن إلا محاولات ارتجالية وغير مدروسة، ستؤثر سلباً على أوضاع النساء العراقيات. وسوف تتسبب بتعطيل عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. آملين ان تتوجه الدولة نحو تفعيل واجباتها الوطنية في إدارة شؤون البلاد والعباد، ولا تتسبب بحرماننا من عطاء المنظمات الإنسانية. ويتعين على لجنة العلاقات العامة في البرلمان ان تقول كلمتها لمنع تدخل الدولة في شؤون المنظمات. ويفترض ان تنتبه مديرية المنظمات الدولية في وزارة الخارجية، وتمنع محاولات احتواء منظمات تمكين المرأة والاستحواذ عليها. .
إن التعكز على رؤية أشخاص غير متخصصين بالجندر، وهم في الوقت نفسه ليسوا متابعين لأعمال المنظمات، لا يصب في صالح التنمية واستراتيجيتها للاعوام 2020-2030. سيما إن هذه المنظمات لا تدعم الانحراف ولا تؤيده. أما حقوق المرأة فهي موضوع متفق عليه في الإسلام الذي هو دستورنا، وتمكينها لا يضر أحدا سوى من يسعى إلى الأضرار بها. .
وتذكروا أن تمكين المرأة واسرتها هو تمكين للوطن وبنيته التحتية والأجتماعية. وما أكثر النساء اللواتي تبوأن المراكز القيادية المتقدمة في معظم البلدان المرتبطة الآن بعلاقات دبلوماسية مع العراق. .
وللحديث بقية. .