بقلم: هادي جلو مرعي ..
أعلنت عديد التحالفات إكمال قوائم مرشحيها لإنتخابات مجالس المحافظات، ويظهر التغيير في نوع الخطاب متأثرا بالتحولات السياسية والأمنية والمجتمعية والوعي المتنامي لدى شرائح إجتماعية لم تعد تؤمن بالسائد، بل تتحرك ضمن أطر غير تقليدية تتجنب الخطاب العاطفي والطائفي لشد الجمهور إليها.. هذا الجمهور الذي يفكر بالكهرباء والماء والعمل والحياة الكريمة، ولايريد الخوض في صراعات جانبية، ولاالإنغماس بأوهام وأفكار عفا عليها الزمن، وأنفتها الأنفس والعقول التي تتحرر رويدا من عقد التاريخ والتحزب والإنغلاق الذي عاشه المجتمع لفترة بسبب الإستثمار السياسي في الطائفية والتحزب والتجهيل المتعمد لعامة الناس، وهذا ماإنسحب على المرشحين الذين يدركون إن إنتخابات مجالس المحافظات ستكون محطة مهمة لتأكيد ماحصل من تطورات إنعكست على نمط التفكير العام، والإنزياح نحو أولويات تقفز على التحزب والمناطقية والولاءات، الى نوع الأداء والعطاء والرغبة في التأسيس لمعادلة سياسية مقنعة للشعب، وليست محتالة عليه كما تعودنا خلال عقدين من الزمن مرا بسرعة، ولكنهما تركا شرخا في الذاكرة، ووجعا في نفوس مكلومة، صدمت بما شهدته البلاد من عذابات وهموم وإنتكاسات مرة وقاسية.
واحد من التحالفات التي شكلت جزءا من حراك سياسي خلال السنوات القليلة الماضية هو تحالف عزم الذي نتج عن رؤية إلتقت في مكان، وتقاطعت في أخر مع كتل سياسية شاركتها بعض الرؤى، وناقضتها في غيرها لكنها على العموم تشكل الآن منافسا سياسيا حيث خاطبني بعض المرشحين من الأصدقاء الذين دخلوا في التحالف الإنتخابي الجديد بأن نتحدث في مضامين البرنامج الإنتخابي للتحالف، وهل هو مميز عن غيره، ومامدى القدرة على تلبية متطلبات الناس، وهل يكفي الخطاب الإعلامي والحديث المباشر للجمهور في إقناعهم بالمشاركة الإنتخابية دون النقاش في تفاصيل مايمكن أن ينجزه التحالف، والمرشح من برنامجه. وصحيح إن الخدمات هي الشغل الشاغل للجميع وتمثل أولوية في الخطاب الموجه للناس ولكن نجاعة الخطاب تتمثل في القدرة على تنفيذه، هم كمرشحين يتحدثون عن تجاربهم المجتمعية كمواطنين عانوا طويلا من ترهل المؤسسات، والروتين الذي يطبع عملها، والنقص الذي يشهده العراق في قطاع الخدمات الذي مثل عقدة في السياسة العراقية حيث الفجوة تتسع بين السياسي والخدمي. السياسي الذي يعتني بالنخبة، والخدمي الذي يشكل عبئا على السياسي المنشغل بمصالحه الخاصة فيكون هو العبء الحقيقي على الدولة ووجودها حين تتحول الى مؤسسة تخدم فئة قليلة على حساب الأكثرية المحرومة والغاضبة والمتحفزة للرفض واللامبالاة.
اللامبالاة تلك والرفض الذي يواجهه السياسي من الفئات الإجتماعية يحتاج الى طرح موضوعي مختلف غير مخادع. طرح يقنع تلك الفئات إن الخطاب هذه المرة حقيقي وواضح وإن التشكيلات السياسية الواعية والقريبة منها هي الأجدر بتمثيلها والسعي لتلبية متطلباتها وتصوراتها للدولة ومؤسساتها ورفض تحييد المواطنين عن المشاركة في تنفيذ المشاريع التي تخدمهم وتمثل طموحاتهم المؤجلة، وعلى هذا الأساس فالمواطنون حين يتوجهون الى صناديق الإقتراع فإنهم يصوتون بثقة لمن تأكدوا من رغبته، وقدرته على تحقيق مايطمحون إليه دون أن يمن عليهم بشيء، أو أن يشعرهم بالتفضل والتعالي والسيطرة والهيمنة على مشاعرهم وأفكارهم والإنسياق الى مايريد دون أن يشعروا بالإستقلال عنه، إذن هم بحاجة الى شكل مختلف وغير تقليدي من الأداء وهذه مهمة المرشحين الجدد الذين عاشوا التجربة الكاملة التي مر بها العراق بأكمله، ودفع ثمنا باهظا من دماء أبنائه وتعبهم ومرارة ماعاشوه وعانوه سابقا.