بقلم : أياد السماوي ..
عندما يتعمّد البعض خلط الأوراق وتضليل الرأي العام العراقي في قضية ترسيم الحدود بين العراق والكويت بغيّة تهييج الشارع العراقي ضدّ حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني وتصوير الأمر للشعب بأنّه هو من تنازل للكويت عى الحي السكني والقاعدة البحرية في أم قصر ، فهذا ليس تزويرا للحقائق فحسب ، بل هو استهداف مقصود لتهييج مشاعر ألشعب والخروج إلى الشارع ضمن مخطط معّد سلفا .. وحتى يطلّع الرأي العام والشعب العراقي على الحقيقة كاملة ومن الذي باع اراضي العراق وتنازل عنها للكويت ، لا بدّ لنا نحن الذين عايشنا هذه القضية بكل تفاصيلها عام ١٩٩٣ أن نوّضحها للشعب العراقي كما جرت تفاصيلها ..
القصّة بدأت بعد أن بدأت لجنة ترسيم الحدود بين العراق والكويت المشكلّة من قبل مجلس الأمن عملها استنادا إلى المادة ٣ من قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٦٨٧ لسنة ١٩٩١ الذي تمّ الإذعان به في خيمة صفوان ، فهذه الأراضي التي تمّ التنازل عنها للكويت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٨٣٣ لسنة ١٩٩٣ ، ما كانت لتحدث لولا غباء صدام وحكومته ، عندما رفض العراق عام ١٩٩٣ المشاركة بأعمال لجنة ترسيم الحدود الأممية ، وهذا مما دفع مجلس الأمن الدولي إلى ترسيم الحدود من غير حضور العراق ، ومن ثمّ إصدار القرار ٨٣٣ لسنة ١٩٩٣ المجحف والذي اقتطع أراض عراقية تاريخية بموجب هذا الترسيم ، في بداية الأمر رفضت حكومة صدام هذا القرار ، متوّهمة أنّ رفضها لهذا القرار سيجعل مجلس الأمن الدولي سيتراجع عن قراره في الترسيم ، لكنّ مجلس الأمن قد أجبر صدام وحكومته تحت التهديد باستخدام القوّة ضدّه بالإذعان لتنفيذ هذا القرار المشؤوم ، وهذا ما حدث فعلا يوم العاشر من شهر تشرين الثاني سنة ١٩٩٤ حين اذعن صدام وتنازل عن أراضي العراق ، حين عقد المجلس الوطني العراقي جلسته الاستثنائية في العاشر من تشرين الثاني عام ١٩٩٤ برئاسة سعدي مهدي صالح ، وأصدر قرار الاعتراف بهذه الحدود الجديدة والقبول بها إذ جاء في هذا القرار ( يعلن المجلس الوطني تأييده لاعتراف جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي وتأييده ، امتثالا لقرار مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدّة رقم ٨٣٣ ( ١٩٩٣ ) ، لاعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق والكويت المشّكلّة بموجب الفقرة ٣ من القرار ٦٨٧ ( ١٩٩١ ) واحترامها لحرمة الحدود المذكورة ) ..
وفي نفس اليوم أصدر مجلس قيادة الثورة قراره رقم ٢٠٠ الصادر في ١٠ تشرين الثاني ١٩٩٤ ، حيث جاء فيه ( ١- تعترف جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي.. ٢- امتثالا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدّة رقم ٨٣٣ لسنة ١٩٩٣ ، تعترف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت كما رسمتها لجنة الأمم المتحدّة لترسيم الحدود بين العراق والكويت المشكلّة بموجب الفقرة ٣ من قرار مجلس الأمن رقم ٦٨٧ ( ١٩٩١ ) ، وتحترم حرمة الحدود المذكورة .. ٣- تتوّلى الوزارات والجهات المختّصة ذات العلاقة تنفيذ هذا القرار .. ٤- ينّفذ هذا القرار اعتبارا من العاشر من تشرين الثاني ١٩٩٤ وينشر في الجريدة الرسمية ) ..
فأين هي مسؤولية حكومات ما بعد ٢٠٠٣ في ضياع أراضي العراق ؟ وهل تستطيع هذه الحكومات إلغاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٨٣٣ الخاص بترسيم الحدود ؟ أو هل هنالك فرصة فعلا لتغيير القرار ؟ لماذا تحمّل حكومة السوداني مسؤولية أخطاء نظام صدام ؟ وهل يستطيع السوداني أو أي رئيس وزراء سابق أو لاحقد عدم تنفيذ قرار مجلس الأمن ؟ لماذا هذا التهييج المتعمّد للشارع العراقي ومن هي الجهات التي تقف وراء هذا التهييج وما هي غايتها الحقيقية ؟ فهل السوداني هو من تنازل عن تراب العراق أم هي حكومة صدام ؟ أم أنّ وراء هذا التهييج للمشاعر اهدافا اخرى تتعلّق بالعودة للفوضى ؟؟
أياد السماوي
في ٤ / آب / ٢٠٢٣