بقلم: أ.د رحيم حلو علي ..
أستاذ علم النفس الرياضي-جامعة ميسان
raheemhilo@gmail.com
يتبادر في ذهن الإباء السؤال الأول عادتاً عندما ينتظرون قدوم مولود جديد(ولد او بنت)؟لماذا يهتم الناس بمعرفة جنس المولود؟ ولماذا تكون نوعية الجنس أول معلومة ترتبط بالمولود الجديد؟ وسواء كانت الإجابة( ببنت او ولد) فأن الامر يتعدى حدود التمييز البيولوجي ، فهذه التسميات ترتبط بأساليب تربية كل من الجنسين، وبالتوقعات الثقافية الاجتماعية للذكورة والانوثة، وهذه القضايا مجتمعة تشكل ما اصطلح العلماء على تسميته (بالجندر)..واتفق اغلبهم بان الأطفال في سن الثانية والثالثة يستطيعون معرفة وتسمية انفسهم على انهم أولاد او بنات. كما بإمكانهم تصنيف الاخرين على انهم أعضاء في أي من هاتين الفئتين. وبعد الثالثة يتوقع من معظم الأطفال ان يعرفوا التوقعات الثقافية للذكور والاناث. فكثير ما نسمع من الأطفال ان الأولاد لا يلعبون بالدمى وتكبر البنات ليصبحن ممرضات ولا بأس ان تتسخ ملابس الأولاد أما البنات فيجب ان تكون أنيقة. وفي هذه المرحلة يتعلم الأطفال في ثقافة ما ان هذه السلوكيات او الأدوار الاجتماعية تناسب الذكور او الاناث خاصة فيما يتعلق بالملابس وطرق اللعب ونوعية الألعاب والأدوات المستخدمة فيه. وبين السنتين الرابعة والخامسة يعي الأطفال أن بعض المهن خاصة بالرجال وأخرى بالإناث. كما يتعلم الأطفال ان الرغبة في الاستقلالية والقوة لا تناسب الاناث، وان الشعور بالضعف والاتكالية ليست من سمات الذكور؟ وبدورنا سوف نوضح بشكل علمي أهم الفروق الجندرية الشائعة للذكور والاناث في بعض الجوانب :-
1- الفروق الجندرية في السلوك الاجتماعي: الكثير من الصور النمطية المرتبطة بالسلوك الاجتماعي تعكس صورة النساء على انهن يمارسن مهام الرعاية وحساسات انفعالياً وعرضة للاكتئاب وتعاني النساء اعراض الحزن وفقدان الطاقة وعدم المتعة والاحساس بالعجز في مواقف النشاطات السارة. بينما الرجال مسيطرين وعدوانيون ويمتازون بالنشاط والحيوية في اغلب الأنشطة ومواقف الحياة المختلفة. وعلى سبيل المثال نأخذ الصورة التي ترسم للمرأة في الكثير من المجتمعات الحديثة فيها على الرشاقة والجاذبية، فليس مستغربين ان نرئ الاناث تعاني اكثر من الرجال من الاضطرابات السيكولوجية المرتبطة بهذا المعيار. وعلى الرغم من ان عدم الرضا عن المظهر الخارجي إحساس يصيب الذكور والاناث، الا ان الاناث اكثر معانات على هذا الصعيد؟ وبالتالي توجد عدة صفات سلوكية اجتماعية تختلف من الذكور والاناث وابسطها وضوحاً للذكور هي ((نشيط-عدواني-مؤكد لذاته-واثق من نفسه-شجاع-منطقي-عقلاني-جرئ-قوي-عنيف-قاس…الخ) يقابلها للإناث الصفات(عاطفية-حالمة-انفعالية-لطيفة-متذمرة-حساسة-طيبة القلب-مطيعة-ثرثارة-جبانة- ضعيفة….الخ)
2- الفروق الجندرية في القدرات العقلية: تؤكد الصور النمطية السائدة والمنتشرة على ان الاناث يتفوقن على الذكور في بعض القدرات العقلية (الذكاء- التفكير- التذكر…الخ ) ومن خلال تجارب الباحثون في هذا المجال استنتجت ان مثل هذه الفروق ان وجدت فهي اصغر مما تفترضه هذه الصور النمطية فهي صغيرة وفي الغالب لا معنى لها، كما انها بدأت بالتضأؤل في السنوات الأخيرة. كونها تعتمد على المستوى التعليمي والتنشئة الاجتماعية لكل بلد؟
3-الفروق الجندرية المستندة الى الدماغ: أكدت الدراسات التي تناولت هذا الجانب الى وجود فروقاً في الحجم الكلي للدماغ لصالح الذكور وبنسبة(12- 20%) وفي محيط الرأس بنسبة (2%) لصالح الذكور ايضاً. كذلك هناك تفوق لوزن الدماغ للذكر البالغ يفوق الانثى. ومن ملاحظات الفروق الأخرى هي ان النصف الكروي الايسر للدماغ يتطور بسرعة اكبر من النصف الأيمن لدى الاناث. بينما النصف الأيمن لدى الذكور يتطور قبل الايسر. كما لوحظ ان وظائف التفكير لدى الاناث تنتشر في منطقة واسعة من الدماغ مما يؤدي الى صعوبات تعلم أقل. وتفيد نتائج دراسات الدماغ ان الاناث يفضلن استعمال النصف الايسر للدماغ مقارنة بالذكور ، وعليه يتفوقن في القدرة اللفظية والتحليل وحل المشكلات. هذا في حين ان الذكور يكونون افضل من الاناث في مهارات الرسم والرياضيات ويتعاملون اكثر مع العالم المرئي مقارنة بالعالم اللفظي..
ومن خلال ما تقدم نؤكد على اهمية الاباء في الاهتمام والرعاية الخاصة باطفالهم وتحديد دور كل جنس في المنزل اولاً ثم دورهم في التفاعل مع البئية المحيطة بهم ..وان يقموا الاباء بتعلم اطفالهم على ان التمييز بين الذكور والاناث يكون على الخصائص التشريحية والانجابية اولاً والسلوكيات التي تنتمي لكل جنس ذكري وانثوي وليس على اساس الملابس الذين يرتدوها..فاذا نشأ الاطفال في هكذا ثقافة ينمو بثقافة شخصية ايجابية متوازنه ولها ثقتها العالية بنفسه؟