بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
يحق لنا نحن العرب ان نتساءل عن سر هذا التوافق السياسي والحربي العجيب والمفاجئ بين الجامعة العربية والبنتاغون. فالجامعة العربية منظمة إقليمية تتولى التنسيق بين البلدان العربية في الشؤون الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية والصحية. اما البنتاغون فهو الواجهة الحربية للولايات المتحدة الامريكية. فلا الجامعة متخصصة في الشؤون الحربية، ولا البنتاغون له علاقة بالشأن الثقافي والاجتماعي العربي. ومع ذلك جاء البيان المشترك بين الجامعة والبنتاغون في التاسع من شهر حزيران الماضي متضمناً التنديد بالتهديدات الملاحية والاعتداءات المسلحة ضد السفن التجارية العابرة لمضيق باب المندب. .
لقد تحدثت الجامعة في بيانها الغرامي المتناغم مع التوسع الملاحي الأمريكي في المنطقة على الرغم من علمها ان تواجد تلك القوات الأجنبية في مضيق باب المندب، ومحاولة الاقتراب من المياه الإقليمية العربية، يشكل مصدر قلق لدول المنطقة بشكل عام. .
فقد سارعت أمريكا في الشهر الثامن من هذا العام 2023 وبدعم من الجامعة العربية نحو تعزيز قواتها في البحر الأحمر بإرسال أكثر من ثلاثة آلاف بحار وجندي أمريكي إلى المنطقة، ودخول السفينة الهجومية البرمائية (يو إس إس باتان) وسفينة الإنزال (يو إس إس كارتر هول) البحر الأحمر عبر قناة السويس. وذلك تمهيداً لإحكام قبضتها على مضيق باب المندب. .
مما لا ريب فيه ان هذه السفن الهجومية يمكنها حمل ما يربو على 20 طائرة، بما في ذلك طائرات من نوع (إم في -22 أوسبري)، وطائرات (إي في-8 بي هارير) المقاتلة، إضافة إلى العديد من سفن الإنزال البرمائية. وسوف يبسط الاسطول الامريكي نفوذه على مساحة تزيد على 2.5 مليون ميل مربع من المسطحات المائية، شمال مضيق باب المندب وجنوبه، بضمنها المسطحات الواقعة في خليج عمان وبحر العرب ومقتربات مضيق هرمز. .
اللافت للنظر ان الجامعة لم تتطرق في بياناتها السابقة عن الحصار المفروض على غزة. ولم تتحدث عن تدهور الاوضاع الأمنية في ليبيا والسودان وفلسطين. ولا ندري كيف جاء بيانها متوافقا ومتناغما هذه المرة مع التغلغل الأمريكي المريب في حوض البحر الأحمر الذي يحتضن الاردن ومصر والسعودية والسودان واليمن وجيبوتي والصومال ؟. .