بقلم: د، كمال فتاح حيدر ..
لدينا عشرات وربما مئات المصابين بهذا المرض، ولن يجد الانسان العادي صعوبة في تشخيصه والاستدلال عليه، فهو يظهر جلياً في سلوك الغالبية العظمى من رجال السياسة في كل زمان ومكان. .
يطلقون عليه: (الميثومانيا) وبالانجليزية: (Mythomania)، ويعني الإفراط في الكذب والتلفيق والمداهنة، والتمادي في اختلاق المواقف والانتصارات الوهمية التي تحوم كلها حول عظمة المتحدث ومواهبه المتعددة، فيذهب إلى أبعد الحدود في المبالغة لتجميل صورته، واظهاره بمظهر الشجاع النبيل المتعفف الورع الذكي العبقري البسيط المتواضع الشهم، الذي يسري عليه قول (ابو تمام):
إقدام عمرو في سماحة حاتم
في حلم احنف في ذكاء إياس
قبل بضعة أيام شاهدت وزيراً سابقاً يتحدث في لقاء متلفز عن نبوغه في الفنون والعلوم والآداب، وعن ضلوعه في الرياضيات العالية وفيزياء الكم، وعن قدراته الفائقة في تشخيص العيوب والاخفاقات الاقتصادية والمالية. ثم استدرك في نهاية اللقاء فأشار إلى براعته في الاخراج السينمائي. .
وسمعت زميله الوزير الآخر يتحدث عن اسلوبه في التنقل بين بغداد والبصرة بواسطة مقاعد العربات السياحية في خطوط السكك الحديدية، ثم يعود أدراجه من البصرة إلى بغداد بسيارات الأجرة عن طريق حافلات الكراج الموحد مع عامة الناس. ربما فاته ان يقول انه سبق المهاتما غاندي في البساطة، وتفوق على المناضل الافريقي نيلسون مانديلا في التواضع. .
وظهرت بعض اصابات الميثومانيا عند الذين سلكوا دروبا جديدة في تسويق الخرافات والأكاذيب، فربطوا مستقبلنا المظلم بعودة جوج وماجوج، وعودة الكوكب نيبيرو إلى مجموعتنا الشمسية، وما إلى ذلك من فنون التضليل والاسفاف وتأليف الروايات الملفقة والضحك على عقول الناس. .
أذكر ان أحدهم ذكر ذات يوم ان البلدان المتقدمة (ومنها الصين) اختارته للعمل لديها بدرجة مستشار أقدم، زاعماً انه رفض عروضهم المغرية، مفضلا تسخير خبراته كلها في خدمة العراق. .
فهل ثمة علاج للقضاء على وباء الميثومانيا ؟. .