بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
تمثل السلطة التنفيذية احدى ركائز الحكم الثلاث. وبالتالي فإن ضعفها واهتزازها كفيل بانهيار التركيبة القائمة على تلك الركائز، وكفيل بإثارة المخاوف حيال مشاريع البناء والتعمير والتطوير. فالوزارات العراقية هي العناوين الرئيسة لبيوتنا التنفيذية والخدمية، ولكل وزارة تشكيلاتها المتنوعة المنضوية تحت عباءتها. .
وفي هذا السياق نذكر ان مدراء التشكيلات دأبوا على حضور الاجتماعات الشهرية في إطار ما يسمى (هيئة الرأي) داخل مقر الوزارة برئاسة الوزير نفسه لمناقشة المفردات العامة للخطة التشغيلية، والاستماع لتوجيهات الوزير. ولا يحق لأي مدير من مدراء التشكيلات التصرف خارج التوجيهات المركزية، أو الانفراد باتخاذ القرارات المتقاطعة مع الوزارة التي يرتبط بها. لكن بعض المدراء تمردوا على هذه القاعدة، وهذا ما نراه ونلمسه في سلوك الذين اعلنوا الانفصال عن الوزارات، والاستقلال بآراءهم، وتنفيذ توجيهات الكيان السياسي الذي منحهم سلطة المحاصصة. .
وقد تلخصت تصرفات هؤلاء في حزمة من السلوكيات الإدارية المرفوضة. يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:-
- التخلف المتعمد عن حضور إجتماعات هيئة الرأي. أو دخول قاعة الاجتماع بصحبة الوزير، والجلوس كتفا لكتف بجانبه اثناء اداراته الجلسة. .
- التعالي على زملاءه مدراء التشكيلات الاخرى التابعة للوزارة نفسها، والاستخفاف بآراءهم. .
- التمرد على قرارات الوزير. والبحث عن الثغرات التي توقع الوزارة في مطبات ادارية يصعب الخروج منها. .
- الظهور في لقاءات تلفزيونية يتحدث فيها المدير عن قدراته الذاتية الخارقة والتقليل من شأن الوزارة التي يرتبط بها. .
- قيام المدير العام بخلق حالة من التحزب والولاءات الشخصية داخل التشكيل، والاعتماد على نخبة من الموظفين الخاضعين لارادته، وتفضيلهم على غيرهم، ومنحهم الامتيازات الفوقية. .
- الظهور بمظهر الطواويس الرعناء في التبختر، والسير بموكب مهيب تحف به العجلات المصفحة. وتحيط به الحراسات والحمايات المدججة بالسلاح. .
- إبرام العقود من دون الرجوع إلى مركز القرار داخل الوزارة أو التشاور معها. .
- التظاهر المصطنع بالتدين الشكلي، والتظاهر المصطنع بالتفوق العلمي. .
- مد جسور التعاون والتنسيق الحصري مع النواب التابعين للكيان السياسي الذي رشحه لمنصب الادارة العليا ضمن صفقات المحاصصة. .
- بث الخوف والذعر في نفوس الموظفين. وإنزال أشد العقوبات بالمعترضين منهم على قراراته الارتجالية. .
اللافت للنظر ان هذه الخروقات والانتهاكات تتكرر كل يوم أمام أنظار الدولة والبرلمان، وأمام أنظار عامة الناس، وقد تركت تداعياتها السلبية على مستقبل الكيانات السياسية الداعمة للمدراء المتحزبين. .
وقديماً قالوا: (ظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيرة). من هنا يتعين على الدولة ان لا تسمح لمطيرة بالعبث كيفما تشاء. ولابد من ردعها وكبح جماحها ومنعها من ممارسة نزواتها، والحد من حماقاتها. .
ختاماً: لا شك ان القوى السياسية الداعمة لهؤلاء تعلم تماماً بمساؤهم، وتعلم انها ستنعكس عليهم إن عاجلا أم آجلا، وليس من مصلحتها الاستمرار على هذا النهج المنحرف. . . -