بقلم/ عامر جاسم العيداني ..
ان الديمقراطية الناشئة في أي بلد بالعالم الثالث تسبب ارتباكا على الصعيدين الشعبي والسياسي وتخلق حالة من عدم الاستقرار وصراعات بين الأحزاب التي تأسست في ظل نظام دكتاتوري والاحزاب التي نشأت خلال فترة التحول والتي جاءت نتيجة عدم رضاها لأداء تلك الأحزاب التقليدية ، وهذه الأخيرة استحوذت على السلطة لأهداف تعويض الحرمان الذي عاشته بعيدا عن الوطن ، وتراها تتمسك بكرسي السلطة وتدفع ثمنا كبيرا من أجله ، باستخدام المال او تهديد القوى المناهضة لها وقد تصل إلى إسالة الدماء أو استخدام ادواتها الأمنية وسلطة القضاء بزج المعارضين لها في السجون ، ووصل الصراع حتى بينها وتفككت الى عدة كتل تتنافس فيما بينها على كرسي السلطة .
ونحن على ابواب انتخابات مجالس المحافظات يشتد الصراع على كسب الناخبين باستخدام كافة الادوات المتوفرة لكل الاطراف التي ترغب المشاركة فيها ، ويلاحظ في هذه الدورة انخفاض عدد الاحزاب وذلك لدخولها بتحالفات لتشكل قوة اكبر في المنافسة ، ولكن تبقى الاحزاب التقليدية المهيمنة على الشارع الانتخابي لكونها تمتلك السلطة والمال وتستخدم مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة لاستمالة الناخب مستخدمة ادوات الخطاب الدعائي المتنوع يشمل الوعود بتقديم افضل الخدمات واخرى تحاول ايهام الناخب بأن الانتخابات لن تخلق اي تغيير من اجل إبعاده عن صناديق الاقتراع من اجل تسيد الساحة الانتخابية من قبل مؤيديها ، وذلك لوجود قوى جديدة ظهرت على الساحة تنافسها بشكل جدي ، ونرى ظهور خطاب جديد لم نلاحظه في الانتخابات السابقة وهو الاعلان الصريح على ان منصب المحافظ سيكون لها ، وهنا يتضح هدف هذه الاحزاب هو الكرسي وليس خدمة الشعب وفق برامج تعلنها حقيقية قابلة للتنفيذ .
وهنا ندعو الاحزاب الناشئة التي قررت خوض انتخابات مجالس المحافظات ان تعلن عن برامجها القادرة على تنفيذها وتكون فيها مصداقية ويجب ان لا تكون تقليدية ، لانه من المعروف ان البرامج بشموليتها واضحة المعالم وواجب على كل من يتبوأ السلطة ان يقوم بها متوافقة مع اسماء الوزرارات التي تشكل الحكومة من تعليم وصناعة وزراعة وغيرها ، ولكن برامج مجالس المحافظات تكون مستنبطة منها ومكملة لها ، مثال ذلك عليها تنفيذ البرنامج الحكومي لانها جزء منها ، وبطرق مستحدثة واهمها خلق تنمية حقيقية على الصعيد الاقتصادي وخلق فرص عمل حقيقية وهو المهم جدا لكثرة العاطلين والذي تسبب بالضعف الاقتصادي للأسر وعدم قدرتها على تلبية وسائل معيشتها ، وهنا يتطلب وضع برامج تنمية واجبار الحكومة الاتحادية على تنفيذها ومشاركة القطاع الخاص وخلق شركات مساهمة لانشاء المصانع والمعامل والمزارع المختلفة ، والاهتمام بالتعليم والثقافة ودعمها لتكون موازية لعملية التنمية لخلق قاعدة فكرية تتوافق معها وفي خط واحد وعليها أن لا تنسى الجانب الصحي والبيئي لما له من أهمية لديمومة حياة الإنسان .
ان تركيز مجالس المحافظات على تقديم الخدمات العامة وعدم ديمومتها يؤدي الى هدر للمال العام اذا لم ترافقها عملية تنمية حقيقية وخلق موارد جديدة تستطيع من خلالها تغيير الواقع الاقتصادي للمجتمع .
واننا ندعو الشعب الى اختيار الكتل والاحزاب الناشئة لتشارك الاحزاب التقليدية في الحكم وتصحح مسيرة السنوات التي أهدرتها من اجل المغانم على حسابه ، وعدم النأي بالنفس بعدم المشاركة في الانتخابات ويبقى الوضع كما هو عليه ، وشاهدتم الصراعات بين احزاب السلطة على المغانم والتي أدت الى خراب المدن والمجتمع وعليه يجب انهاء هذه الحالة المزمنة من اجل استقرار العراق ومحافظاتكم .
ان تجربة بعض المحافظات التي خرجت من عباءة سلطة الاحزاب وكيف نهضت مثل نينوى وكربلاء والبصرة بجهود ابنائها المستقلين ، وهي نموذج يجب ان تبقى وتستمر ونقلها الى المحافظات الاخرى . وننوه الى ان بقاء اعتماد المحافظات على ما تقدمه الحكومة المركزية من تخصيصات ضئيلة لا تتناسب مع حجم الايرادات التي ترفد الموازنة العامة بها ، فيه غبن كبير لها ويجب على ابناء المحافظات ان يطالبوا بالخروج من المركزية المقيتة من خلال تطبيق قانون المحافظات رقم (21) لما فيه من صلاحيات لا مركزية على الاقل أو المطالبة بانشاء الاقليم حسب ما نص عليه الدستور وتحصل المحافظة على جزء من الاستقلالية في التصرف بوارداتها مع خصم حصة المركز لتستطيع النهوض باقتصادها وبناء مؤسساتها وخلق تنمية حقيقية وتوفير فرص عمل تنتشل العاطلين عن العمل ، وهذا لا يأتي الا بانتخاب الاحزاب والكتل التي نشأت وتكونت من ابناء المحافظة وليس لها ارتباط بالاحزاب التقليدية .