بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..
في الوقت الذي حرصت فيه بعض الجهات شبه الرسمية على الاهتمام بتطوير لعبة (المحيبس) في العراق، وفي الوقت الذي تحول فيه مصنع مسدسات (طارق) إلى معمل لانتاج الطرشي والمخللات، وفي الوقت الذي صرنا فيه نستورد الفلافل والبورك والكفتة من دولة الإمارات، وفي الوقت الذي تمددت فيه مخالب المحاصصة لاستقطاب الفاشلين وأصحاب الشهادات المزورة. في هذا الوقت بالذات تصاعدت أهمية قطاع الذكاء الاصطناعي، وتحولت إلى ساحة رئيسية للمنافسة بين الولايات المتحدة والصين. ورسمت الحكومة الصينية مسارها المستقبلي في تفعيل هذه الثورة منذ عام 2021 باعتبارها في طليعة التقنيات الرائدة. فاستضافت معظم المؤتمرات العالمية المعنية بهذا الشأن، ونجحت في اجتذاب 400 شركة فيما كان بمثابة استعراض لطموحاتها. .
وأشار المحللون إلى أن الدولتين توليان أهمية متزايدة لتطوير الذكاء الاصطناعي، الذي سيكون له التأثير العميق على توازن الاقتصاد والقوى، سيما أن التطورات الأخيرة يمكن أن تكون مجرد بداية للتنافس الذي يتصاعد بسرعة. .
عن هذا التنافس المتزايد، قال جاستن شيرمان (Justin Sherman)، وهو زميل غير مقيم في مبادرة إدارة الدولة السيبرانية التابعة للمجلس الأطلسي (Atlantic Council’s Cyber Statecraft Initiative): إن الذكاء الاصطناعي سيصبح أكثر أهمية لسلطة الدولة في العقود المقبلة، خاصة أنه يعمل على تسريع النمو الاقتصادي وتحسين القدرات العسكرية. وقد توسعت رقعة الصراع الآن بين الصين والولايات المتحدة في هذه المجالات، حيث تتمتع كل دولة بميزة تنافسية خاصة بها، ومن السابق لأوانه تحديد كيفية تطور المعارك المتوقعة، لكن بعض الخبراء يقولون إنه يتعين على بكين وواشنطن وضع عقلية المنافسة جانباً، واتخاذ خطوات جادة للتعاون المشترك بينهما، على الأقل في بعض المحاور المتوازية. .
قررت الولايات المتحدة، في أحدث خطوة في هذا الاتجاه، فرض قيود جديدة على الاستثمارات التي يمكن للشركات الأمريكية القيام بها بالتعاون مع الكيانات الصينية، بما في ذلك بعض الأنظمة المتطورة جداً. .
تجدر الاشارة أيضاً ان شركات التكنولوجيا الصينية سارعت لضخ موارد متزايدة في الفضاء بعد ثورة ChatGPT، وبرامج الدردشة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. .
وبات من المسلم به أن الدولة ذات الاستخدام المتفوق للذكاء الاصطناعي هي التي ستضع المعايير العالمية التي تمكنها من التحكم بالبلدان المتخلفة حول العالم. .
اما بخصوص الصين فقد توقع تحليل أجرته شركة ماكينزي آند كومباني (McKinsey & Company) أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في دعم الاقتصاد الصيني من خلال إضافة أكثر من 600 مليار دولار أمريكي من القيمة الاقتصادية سنوياً. .
الأمر المفزع في هذا الموضوع ان وكالة المخابرات المركزية CIA عازمة على إطلاق برنامجها الخاص للدردشة القائم على الذكاء الاصطناعي، والذي سيكون على غرار ChatGPT الخاص بشركة OpenAI. وسيتم استخدام الروبوتات في وكالة المخابرات المكونة من 18 وكالة فرعية من أجل مساعدة عملاءها وجواسيسها في الرصد وجمع الوثائق والأدلة. .
قال راندي نيكسون Randy Nixon، مدير قسم المشاريع في وكالة المخابرات المركزية: (لقد انتقلنا من الأساليب التقليدية إلى توظيف التلفزيونات المنزلية والهواتف الشخصية المرتبطة بالإنترنت من اجل انتهاكات الخصوصيات، الأمر الذي سيفتح لنا نوافذ البحث عن الإبرة المفقودة في كومة القش). .
لا توجد معلومات حتى الآن عن النموذج الأساسي الذي سيعمل على تشغيل برنامج الدردشة الآلي الجديد التابع لوكالة المخابرات المركزية. .
اما نحن في البلدان النائمة فمازلنا منشغلين بصراعاتنا الموروثة منذ عشرات العقود. .